منتدى اسديره الثقافي
حللت اهلا ووطئت سهلا في ربوع منتدى اسديره الثقافي
وزكاة العلم تعليمه .. اهلا بك مره ثانيه عزيزي الزائر الكريم
منتدى اسديره الثقافي
حللت اهلا ووطئت سهلا في ربوع منتدى اسديره الثقافي
وزكاة العلم تعليمه .. اهلا بك مره ثانيه عزيزي الزائر الكريم
منتدى اسديره الثقافي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى اسديره الثقافي

منتدى ثقافي علمي *مهمته الادب والشعر في جنوب الموصل / العراق
 
الرئيسيةرواية عامل البرد للكاتبة الأمريكية ساندرا براون ترجمة ذياب موسى رجب I_icon_mini_portalأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 رواية عامل البرد للكاتبة الأمريكية ساندرا براون ترجمة ذياب موسى رجب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ذياب موسى رجب




عدد المساهمات : 64
نقاط : 222
تاريخ التسجيل : 14/05/2012

رواية عامل البرد للكاتبة الأمريكية ساندرا براون ترجمة ذياب موسى رجب Empty
مُساهمةموضوع: رواية عامل البرد للكاتبة الأمريكية ساندرا براون ترجمة ذياب موسى رجب   رواية عامل البرد للكاتبة الأمريكية ساندرا براون ترجمة ذياب موسى رجب Emptyالأحد نوفمبر 04, 2012 8:23 pm

‏ الفصل الثالث والعشرون

كل مرة زفرت ليلي،أصبح الجزء اللولبي من النفس المتبخر أدق.كانت باردة إلى عظامها ولكنها لا تمتلك ‏لا القوة ولا الإرادة لتنهض وتضع جذع شجرة آخر على الفحم. إلى ماذا يشير ذلك. ؟
لم تكن واحـدة من الناس الذين ركزوا على المــوت وتصبح على وشك الموت وتغتاظ أكثر مـــن ذلك حتى ‏‎ ‎سارعت متوهمة في زوال القلق. على أية حــال بعد أن مــاتت أيمي تأملــت مــوتاً طبيعياً، متسائلة مــاذا ‏يبدو الطريق من حياتها إلى المستقبل، لم تسأل إذا كان هناك مستقبل. تلك نجمة الحياة المفعمة بالحيويـة ‏والطاقة حينما تقترب فجأة من الأرض وتزداد شدة ضوئها بشكـل هائــل ثم لــم تلبث أن تتلاشى بعيداً إلى ‏حيث ظلمتها، ببساطة كانت أبنتها قبل ذلك بأشهر أو بسنين لا تنقطع عن الوجود. أن أيمي مجرد انتقلــت ‏من بعد يحكمه عالم الطبيعة إلى عالم الروح.معتقدة بأنها ساعدت ليلي على النجاة من فاجعتها. ومع ذلك ‏أصيبت بحزن على طبيعة الرحلة بين العالمين.هل أن أيمي انزلقت إليها بسلام على سجادة الضوء؟أم هل ‏أن طريقها مظلماً ومرعباً ؟ كان ذلك عندما أتت ليلي لتفكر بشأن أو تتأمل فيمــا إذا كان موتهــا هادئــاً أم ‏مؤلماً. ولكنها ماتت فقط في كوابيسها من الاختناق بينما كانت وحيدة. على الأقـل سترحــل وهي تعلــم أن ‏الأزرق سيمسك.قبل أن أصبحت ضعيفة جداً،استخدمت سكين تقشير لتحفر أسم تيرني= الأزرق في أحدى ‏حجر المطبخ وهي تعتقد بأن ذلك سيكون أكثر تأثيراً من ملاحظة تكتب على أحد صكوكها الفارغة، والذي ‏يمكن أن يطل عليه الضجيج المؤكد للظهور خلال اكتشاف ونقل جثتها من القمرة.‏
تيـرني.‏
مجرد التفكير بالاسم ينخع البكاء من صدرها المتقلّص . كانت غاضبة على ذنبها . باحتقارها لذاتها فكّرت ‏‎ ‎بكيفية سقوطها بسهولة بسبب تركيبته النادرة من قوة البنية والحساسية ذلك اليوم على النهر، كم تاقـت ‏توقاً شديداً هذه الشهور الماضية إلى الفرصة التي ضحّت بها لرؤيته ثانية .لقد بدا عليه منذ البداية بأنــه ‏جيد وصادق. خذ ملاحظة ليلي: ما تبدو بتلك الحالة عادة. كانت هي كبيرة السن إلى حد ما لتتعلـم الدرس ‏الثمين ولسوء الحظ لم تكن لديها الفرصة لتطبقها على حياتها الخاصة،ولكنها على أية حال كانت تستحق ‏كتابة الملاحظة.أليس كذلك ؟ ربما يجب أن تتركها محفورة في الحجــرة أيضــا ، الطريقة التي يترك بهـــا ‏السجناء رسائل أخلاقية على جدران زنزاناتهم لشاغليها في المستقبل.‏
ولكن الآن لم تكن لديها القوة حتى لتمسك سكيـن التقشيــر.نوبات مــن بروز المخاط الناجــم عن السعــال ‏تركها ضعيفة جداً ولم تتمكن من الجلوس بعد ذلك.كانت بلا طاقة ولا تقول شيئاً عن الوقت. كانت هنالـــك ‏فائدة واحدة للموت.تمت الإجابة على السؤال الذي يستحيل تقديره.مثلا،هي عرفت الآن بما لا ريب فيه أن ‏الشخص لم يكن ليسير إلى ما بعد الموت في لهيب ضوء مبهر. وبالعاحب. سرق المــوت أكثر من شخص ‏مثل غسق متراكم بهدوء . كان التعتيم تدريجياً ، انكماش الرؤيا لا يمكن إدراكه تقريباً ، حتى بقيت نقطــة ‏الضوء الوحيدة والحياة.وبعد ذلك بقدر ما ابتلعت بالظلمة أيضاً حيث كانت محاطة كلها بشكل كامل. بحثت ‏عن أيمي بيأس في ظلمة منيعة، ولكنها لم تستطع أن تراها.لم تستطع أن ترى أي شيء . مسرعة أذنيها ‏بالرغم من ذلك عند ضجة من صوت آتياً منها من بعيد.كان أبوها يناديها إلى البيت من المكان الذي تلعب ‏في الصف الثاني من البيوت. ليلي! ليلي"‏
‏- أنا آتية يا أبي.تمكنت أن تتصوره واقفاً على شرفتهم، مكوراً قبضتيه مثل الكوب حول فمه،منادياً بلهفة ‏‎ ‎حتى ردّت عليه وأخبرته بأنها في طريقها إلى البيت.‏
‏- ليلي" بدا عليه خائفاً، مسعوراً، مرعوباً.‏
‏ ألم يستطع أن يسمعها ؟ لماذا لم يستطع أن يسمعها ؟
‎ ‎كانت تجاوبه قائلة"‏
‏- أنا في طريقي إلى البيت يا أبي. ألا تستطيع أن تراني ؟ ألا تستطيع أن تسمعني ؟ أنا هنا !‏
‏- ليلي ! ليلي! "‏


‏ 137‏



‏- أمال تيرني الجزء العلوي من جسدها فوق ساعده وضربه بقوة على ظهرها محدثاً صوت . نفثت قطعة ‏
‏ من المخاط في البطانية وهي تغطي حضنها. ضربه ثانية بين عظام كتفيها وهو يخرج بقوة مخاط أكثر ‏‎ ‎‎ ‎حيث أصبح يقطر من فمها.وحينما تخلّى عنها تخبّطت على ظهرها ميتة على الأريكة، رأسها متدلياً على ‏‎ ‎جانب واحد.مزّق قفازيه وصفع خديها وهي يجادل نفسه حيث كان وجهها دافئاً.أنها يده التي كانت باردة ‏‎ ‎‎ ‎وليس جلدها الرمادي الكئيب.‏
‏- دس يده داخل جيب سترتها،تحت بلوزتها،ضغط راحة يده على صدرها.فحينما شعر بنبض قلبها انطلقت ‏‎ ‎‎ ‎صرخة لا إرادية صدرت من حنجرته الفجّة الجافة . فتح الزمام المنزلق لجيب السترة الذي وضع فيــه ‏‎ ‎كيس دواءها. كانت عبارة عن حقيبة حرير خضراء مزينة بخرز بلوري كما وصفها هو‎ ‎تماماً . وحينما ‏‎ ‎‎ ‎فتحها وقعت قنينة الحبوب على الأرض وتدحرجت بعيداً عن النظر ولكن كانت بعدها علبــة الاستنشاق. ‏‎ ‎‎ ‎تفحص الرقع على العلبة بدقة حيث كانت مكتوبة باللغة اليونانية أيضاً . تذكّرها ذات يوم أخبرته بأنهـــا ‏‎ ‎كانت تستخدمها لمنع نوبات الربو.الشيء الآخر لتقديم الإسعاف للمريضة التي تعاني مـن نوبات شديدة ‏‎ ‎ولكنه لم يعرف أيهما كانت.دفع أحد البخاخات القصيرة فوق إحدى شفتيها الخالية من الدم، أستخدمهــا‎ ‎بين أسنانها وضغط العلبة قائلا" تنفسي يا ليلي. لا زالت ممددة تماماً رماديـــة كالموت لا تستجيب. دس ‏‎ ‎ذراعه تحت كتفيها ورفعها إلى الأعلى ثانية فصاح بوحشية" ليلي تنفسي! استنشقي. رجاءا. هيا، خذي ‏‎ ‎نفساً."وفعلت. فعل الدواء كما يفترض أن يفعل تأثيره وتخلصت بسرعة من تشنج العضلات الـذي ســــد ‏‎ ‎قصباتها الهوائية وبفعل ذلك أعيد فتحها. سحبت نفساً بصفير. ثم نفساً آخر. وبينما هي تستنشق النفس ‏‎ ‎الآخر فتحت عينيها ونظرت إليه ثم شبكت يديها حول يديـه التي لازالت تمســك بعلبــة الاستنشاق داخــل ‏‎ ‎‎ ‎فمها. ضغطت هي على العلبة ثانية.كان نفسها يقرقر، ويصفر، ويحدث أصواتاً مريعة .‏
‏- قال تيرني" موسيقى لأذني. "‏
‏ وفجأة دفعت علبة الاستنشاق بعيداً ، سعلت في يديها. قال" هنا" من الأريكة الأخرى، أنتزع منشفة كان ‏‎ ‎‎ ‎يستخدمها الليلة قبل الماضية ليدفعا إليها ويسند رأسها. سعلت فيها. كان السعال مؤلماً ومعذباً لجسدها ‏‎ ‎‎ ‎بشكل عام.أنحنى تيرني أمامها وغمغم مشجّعاً.وفي النهايــة توقف السعــال.أنزلــت‎ ‎المنشفة‎ ‎الملوثــة من‎ ‎‎ ‎فمها.أخذها منها. بدت مشلولة من نظرتـه، وحينذاك أدرك فقط كم يجب أن يظهر مخيفــً.مسح الثلج مــن‎ ‎‎ ‎رمشيه وحاجبيه وأستخدم الوشاح المتجمّد المتصلب تحت ذقنه فقال" أنا لست‎ ‎شبحاً.أنه أنا. ‏
‏- قالت بصوت خفيض بالكاد سماعه" أنت عدت ؟ لماذا ؟ "‏
‏- تلك كانت الخطة منذ البداية. أنت اعتقدت أنني كنت هاجرك لتموتين بحيث يمكنني أن أهرب. "‏
‏- أومأت بالإيجاب.‏
‏- إذاً وعدتك أن أعود وقد جلبت لك دوائك، هل يمكن أن تصدقينني ؟ "‏
‏- هزّت رأسها ببطء وهي تقول" لا. "‏
‏- صحيح أنني كنت أحاول إقناعك بأنك ستهدرين وقتا ثمينـاً ، لذلك لــم يكــن لدي خيــار سوى أن أتركــك ‏‎ ‎تفكرين بالأسوأ مني. لم يكن من السهل علي أن أذهب. "‏
‏ دفع نفسه بعيداً بركبتيه ووقف مستخدما مسند ذراع الأريكة كقوة رفع، متحركاً كرجل أكبــر من عمــره ‏‎ ‎‎ ‎بعقود.كانت قدمه خدرانة داخل جزمته.لم يستطع أن يشعر بالأرض تحتهما عندما جر قدميه إلى الموقــد ‏‎ ‎ورتّب عدة عيدان من الحطب في المشبك المعدني للموقد.‏
‏ ولكي يحصل على الفحم الميت ليشعله أنحنى ونفخ عليهما بهدوء.اشتعلا،وفي الحال كان اللهيب الجائع ‏‎ ‎‎ ‎يلعق في الجذوع.‏
‏ أرخى حقيبة ظهره، ووضعها على الأرض، ودفعها بمقدمة جزمته تحت نهاية المنضدة .حل الوشاح من ‏‎ ‎‎ ‎رقبته وأزال بطانية الملعب والقبعة من رأسه. مع سترته وأنزلهما فوق أحد الكراسي عند الحاجز بحيث ‏‎ ‎‎ ‎يمكنها أن تجف. وبشكل تجريبي ربّت خلف مؤخرة رأسه، ثم تفحص أصابع يديه والــدم الجديد. أما أن ‏‎ ‎جرحه لم يعد ينزف أو كان الدم متجمّداً.‏
‏ 138‏

‏ ‏

‏ جلس على الأريكة بالاتجاه المعااحب لليلي وحل رباط جزمته.ترنح وهو يزيل جزمتـه من قدمــه اليمنى، ‏‎ ‎‎ ‎وهو يعرف أن كاحله قد يكون متورماً بشكل سيء جداً بحيث لا يمكنه أن يلبسها مرة ثانية. ولكن إذا لـم
‎ ‎يحصل على دوران الدم بصورة أكثر إلى قدمه، فيمكن أن يفقد أصابع قدمه بسبب عظة الثلج.وهو يصرّ ‏‎ ‎بأسنانهِ من الألم أخرج قدمه من الجزمة المبلّلة ونزع جورابه . كان الكاحل متورّم قليلاً ، ولكــن ليــس ‏‎ ‎‎ ‎بشكل سيء كما دل عليه الألم. لم يرى علامات لعظة الثلج ولكنّه دَلَكَ أصابع قدميه بخشونة. أنّها تؤذي ‏‎ ‎كالجحيم حينما بدأ الدم يسري بها ثانية ، ولكن دل ذلك على أن الأوعية الشعرية لم تكن متجمّــدة بشكل ‏‎ ‎‎ ‎غيــر قابـل للترميم.ببطء بحيث لا يريد أن يخيفها،نهض وذهب ليجثو أمام الأريكة ثانية.حاول أن ينطق ‏‎ ‎‎ ‎باسمها ولكن نبرة صوته خرجت كأنها صهيل حصان فقال" هل أنت على ما يرام الآن ؟ "‏
‏- هي مجرّد هزّت رأسها مرة .‏
‏- يا للمسيح ، لقد نسيت حبات دوائك . لقد وجد قنينة الوصفة البلاستيكية البنية الصغيرة تحــت الكراسي ‏‎ ‎‎ ‎ذوات المساند. آدملها قدح الماء من المطبخ.استخدمت علبة الاستنشاق الثانية، ثم ابتلعت أحدى حبات ‏‎ ‎الدواء وعندما شربت لاحظ أن اللون قد عاد إلى شفتيها،وطمأنه ذلك أنها حصلت على الأواحبجين الكافي ‏‎ ‎‎ ‎رغم أن تنفسها لا زال يشبه صوت قربة اللحن.‏
‏- قال أن علبة الاستنشاق تلك أداة جيدة. أنا لا أعرف أيهما أستخدم . كان عندي جرعات متساوية وأخمّن‎ ‎‎ ‎بأنني التقطت الصحيحة. "‏
‏- أومأت إيماءة صغيرة.‏
‏- طافت نظرته على وجهها.كانت تتحرك وتتنفس وبـدا لونهــا يعــود , ولكنــه خاف أنه قد يكـــون مصاباً
‏ بهلوسة أخرى ، مثل العديد منها والتي جرّبها في رحلة عودته من السيارة . كانـت ليلي في منتصفهـــا ‏‎ ‎‎ ‎جميعها. في البعض، عاد ليجدها زرقاء من البرد ونقص الأواحبجين،بلا حركة،ميتة. وفي الأخرى كانت ‏‎ ‎متألقة ودافئة،متوهجة بالحياة،بحاجة إلى الجنس،تأخذه بشكل عاطفي عميقاً في نَفْسَها.وفي الحقيقة هي ‏‎ ‎ليست فاقدة الوعي والإحساس ولا شهوانية ولكنها مصابة بالدوار. شرح قائلا" لا‎ ‎بد وأنه أغمي عليك ‏‎ ‎قبل أن دخلت،ناديت باسمك عدة مرات ولكنك لم تجيبي،حتى أنك لم تتحركي.كان وما زال‎ ‎صدرك مثالياً. ‏‎ ‎‎ ‎أخفتني، قال ذلك وأنقلب صوته خشناً" أنا اعتقدت بأنني وصلت إلى هنا‎ ‎متأخّر جداً.‏
‏- قالت بأقل من الهمس، كذلك أنا.ثم تجعّد وجهها بالعاطفة. كما لو أن سداً منع دموعها برقّـة ثم فضحـت ‏‎ ‎‎ ‎فجأة عندما ملأت الدموع عينيها.‏
‏- رد آنياً. بنبض القلب،كان بجانبها على ألأريكة وذراعه على كتفيها المهتزين فقال"أنهما تماماً الآن. أنا
‏ عائداً، وأنت على قيد الحياة. "‏
‏- سقطت على صدره. رفعها في حضنه، هزّها كالطفل وهو يطويها في ذراعيه ويحني رأسه على رأسها. ‏‎ ‎‎ ‎أحسّها بردة فعل وهي تمسكه من بلوزته بمليء يديها.‏
‏- مسح شفتيه على شعرها قائلا " أش، أش ليلي، لا يفترض بك أن تبكين،أتتذكرين ؟ فأنت لا تريديـن أن ‏‎ ‎‎ ‎تجلبي نوبة أخرى بالبكاء. "‏
أمال رأسها إلى الأعلى وسرّح شعرها المتشابك إلى الخلف. فقال شكراً لله ، لم يعد لبشرتها لون الموت
الرمادي. مُحجماً رأسها بين يديه سيّر أبهامية على خدها ليمسح دموعها.‏
قال وهو ينظر بصورة مباشرة في عينيها"لا شيء يمنعني من العودة سوى الموت القصير الأجل هناك." ‏انخفضت نظرته إلى فمها . كانت شفتاها طرية ، مكتنزة قرنفلية اللون الآن، منفرجة قليلاً، مرتجفة، ندية ‏من شرب الماء، وربما الدموع، وفي قاعدة حنجرتها، خفق الجلد الناعم مع كل نبضة من قلبهــا.أزعجــهُ ‏كبح النزوات ، وقف ، رفعها معه ، وهو يحملها إلى نهاية الأريكة،حيث نزلا كلاهما على الفراش الحشو. ‏جلس وظهره قبالة مسند ذراع الأريكة، قدميه ممددة نحو النار ، ليلي في حضنه. وجّه مؤخرة رأسها إلى ‏صدره،حيث أسندت خدها إلى صدره.مد يده إلى أحدى البطانيات وسحبها فوقهما،ثم حضنها مطبقاً وأسند ‏ذقنه فوق الجزء العلوي من رأسها. رضخت لكل هذا. لم يخدع نفسه بالتفكير بأنها لعبت دور الحمل لأنها ‏

‏ ‏‎139‎



وثقت به. رأى الرسالة التي حفرتها في خشب حجرة المطبخ. كانت تسمح له ليحملها فقط بسبب الجروح ‏التي عانت منها وأنهكتها.بعد فترة طويلة سقطت نائمة.‏
حدّق في اللهب وذاق البهجة بالإضافة إلى التعاسة ليجعلها بهذا القرب، من وزن نهديها الناعمين اللذيــن ‏استقرّا على معدتهِ. وأصابعها تفتل التي أحيانا في صوف بلوزته.أراد أن يصدّق بأنها كانت تطمأن نفسها ‏بأنه لازال باقياً هناك رغم أنها قد تكون ببساطة ردة فعل انعكاسية للهياج والاضطراب اللاشعوري.حاول أن ‏لا يفكـــّر في كيفية نعومة لسانها الذي تحرّكَ تجاههُ حينما قبّلها في الليلة الماضية، أو الرقّة التوأميـة ‏حيث الرقعة المبلّلة التي صنعت من نهديها في مياه النهر الباردة في ذلك اليوم مـــن الصيف الماضي، أو ‏كم أراد بشكل سيء الاستحواذ عليها، بصورة كاملة . ولكنه بالطبع لم يفكر في مسعاه حول نهديها اللذين ‏كانا كل ما استطاع التفكير نحوه.أصبح اشتياق جلده لها شديد جداً بحيث أذعن لــه في النهايـة ودس يــد ‏واحدة تحت بلوزتها ثم نام.جاءت مستيقظة ضمن دائرة ذراعيه،إحساسها الآني بأنه كان مستيقظاً.جلست ‏ولكن، محرجة، حولت رأسها عنه. كان كل ما قاله أن النار تحتاج إلى رهز، بنفس قدر النعمــة الممكنــة، ‏تخلصت منه وجلست على كعبي حذائها. كان عليه أن يستخدم مسند الذراع ليرفع نفسه. لاحظت تجهّمـــه ‏وأشارت إليه تقول" أنا قطعة ضربت بعنف. " ثم أضافت تقول" ما كان يجب أن تتركني أنام لفترة طويلة ‏جداً. لم تكن مريحة بالنسبة لك. "‏
‏- أنا نمت أيضاً واستيقظت قبل خمس دقائق."‏
‏- كم نمنا ؟ "‏
‏- تفحص ساعة يده قائلاً" أربع ساعات. "‏
‏- أربع ساعات! أربع ساعات !‏
‏ كم كانت قادرة على النوم بسلام تلك الفترة الطويلة بين ذراعي رجل ظنّت أنه كان الأزرق ؟
‏ لا بد وأن تجربتها وهي على وشك الموت قد شوشت تفكيرها بشكل جذري.‏
‏ نظر إليها من أعلى رأسها إلى حتى أخمص قدمها قائلاً" كيف تشعرين؟ "‏
‏- أحسن كثيرا مما كنت أعتقد آخذة بنظر الاعتبار شدّة الحدث."توقفت لبرهة ثم قالت بلطف"أنا لم أعتقــد ‏‎ ‎أنك ."‏
‏- نعم لقد فعلت."‏
‏- لا . كان عندي توقف عاطفي وبكاء. "‏
‏- تلقيت رسالة ولكنني لم أضعها في كلمات، ويجب علي ذلك.‏
‏- شكراً لك تيرني."‏
‏- مرحبا بك. "دقّت الثواني قبل أن يلتفت ويذهب بعيدا إلى كرسي الحاجز حيث ترك سترته هناك.‏
‏- عرجتك أسوأ .‏
‏- نعم خلعت كاحلي بالطريق إلى السيارة. كنت محظوظاً بأنني لم أاحبره. "‏
‏- ماذا جرى ؟ "‏
‏- لم أستطع أن أرى أين كنت ذاهباً...."أعطى إيماءة حيث قال لا يهم أن أصاب,سيكون على ما يرام."‏
‏- سألته وهي تشير إلى الكيس الحريري على منضدة القهوة" هل كان ذلك تحت تأثير الضربة العنيفة كما ‏‎ ‎‎ ‎اعتقدنا ؟ "‏
‏- روى أخيراً كيف وصـل إلى السيــارة بعــد أن كــان على وشك أن يفقد الأمل تقريبا ً. كانت مغطاة بالثلج ‏‎ ‎‎ ‎بصورة كاملة،والجليد تحتها.وكأن الباب لم يفتح."ولكنه جرى.قال أن الجزء الأقوى كان مقاوماً للإلحاح ‏‎ ‎ليبقى.عرف إذا فعل،كان في خطر السقوط نائماً ومتجمداً فقال" حالما دخلت داخل السيارة ارتحت ثلاثين‎ ‎‎ ‎ثانية لألحق بنفسي،ثم أصبحت مشغولا.كان علي أن أقحم ذراعي خلال الفجوة بين لوحة سيارتك ومقعد ‏‎ ‎الراكب من جهة اليمين التي كان عرضها بوصات قليلة. "أراد أن يصل إلى أبعد من طول ذراعه قبل أن ‏‎ ‎تحسس الكيس الحريري في النهاية فقال متظاهراً" قرصت بعض القماش بين أصبعين. كنت خائفاً مــن ‏

‏ ‏‎140‎

‏ ‏

‏ أن أدفعه إلى الأمام،أن لا تصل ذراعي.ولكنني تصرفت بسحبه باتجاهي حتى تمكنت من أن أمسكه جيداً. ‏
‏- ومن ثم لابد أن تقوم برحلة العودة. بصدمة وكاحل مخلوع, "‏
‏- الشيء المهم أنني اجتزتها في وقتها.نظر إلى الموقد قائلاً " حسناً نحتاج إلى المزيـد مــن الخشب قبــل‎ ‎‎ ‎انتهاء الليل."‏
‏- هل ستذهب إلى الخارج حافي القدم ؟ "‏
‏- لبس سترته ولكنه كان يتحرك نحو الباب حــافي القدميــن قائلاً" أنا لــم أكن أعتــزم الخروج تلـك المدة ‏‎ ‎‎ ‎الطويلة." وقف على الشرفة وبسرعة أغلق الباب خلفه.كانت ليلي هناك لتمسك الباب وهي تفتحه حينما ‏‎ ‎‎ ‎حمل ملئ ذراعيه من الجذوع فقال" شكراً. "وعندما كدّس الحطب على الموقد" قال " رأيت رسالة أنـت ‏‎ ‎تركتيها في حجرة المطبخ."‏
‏- لم تعرف أن تجاوب، لذلك لم تقل شيئاً.‏
‏- وقف وواجهها قائلا" أنت لست الوحيدة التي يعتقد ذلك. أنا شغلت محـرك سيارتك وفتحـت المذياع على
‏ أمل سماع تقرير الطقس."كان لديها هاجس مضطرب عما كان آتياً.أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يبحث ‏‎ ‎عني( ذكر ذلك الشيء بشكل صحيح ) ثم نظّف طريقه وهو يتجاوزها إلى الشرفة ثانية. على ما يبدو أن‎ ‎‎ ‎أحد اتصالاتك بدوتش عبرت رغم ذلك ." أغلق الباب بعنف خلفهُ. غاصت ليلي في الأريكة. كانت تترنـح‎ ‎ولكنها لم تكن متأكدة إذا كان ضعفها قد أتى من الراحة أم الفزع. لو‎ ‎كان هو الأزرق، فهذه أخبار جيـدة. ‏‎ ‎ولكن إذا لم يكن فهي جرّمت رجل بريء . وفي موجة الثلج‎ ‎العاصف دخلَ ومعهُ حملَ ذراعٍ مـــن الحطبِ ‏‎ ‎‎ ‎ورفس الباب فأغلقهُ. أن التنبؤات تشير إلى انتهاء الثلج في هذه الليلــة. ستبقى درجـات الحرارة تحــت‎ ‎‎ ‎الأنجماد تماماً ولكن الظروف ستتحسن ."‏
‏- واصل تكديس الجذوع على الموقد. كانت نبرة صوته عادية وغير مكترث.قال"ستبقى الطرق غير قابلة ‏‎ ‎‎ ‎للعبور لأيام، ولكن مع أي فرصة، فهنالك فرصة في الخارج يمكن أن تنقذي غداً. "‏
‏- تيرني---"‏
‏- قال مقاطعاً بشكل عنيف " مع ذلك ما زال يتعين علينا العبور الليلة . ألتفت إليها وهو ينفض الغبار عن ‏‎ ‎‎ ‎يديه. " يجب أن يكون ذلك مشهد محزن بالنسبة لك. " تحرّك نحو حقيبة الظهر تحت نهاية المنضــــدة ‏‎ ‎‎ ‎فقال " تعرفين أين المسدس والأصفـاد إذا شعــرت أنك بحاجة إليهمــا. الآن حيث حصلــت على دوائــك ‏‎ ‎ومخزون من الحطب، يمكنك أن تعملين لوحدك حتى تصل المساعدة. "‏
‏- سألته هل أنك ذاهباً ؟ كانت مذهولة قبل أن تكون خائفة حيث أنه سيذهب ثانية.‏
‏- خن ضحكة مرة فقال"أنا مغوي،ولكن لا.حيث بث أسمي، فكل قروي في المناطق الجبلية سيروم الانتباه ‏‎ ‎‎ ‎إلي.أن اختبائي سيكون تذكار الصيد للفصل،وفي حالتي هذه سأكون فريسة سهلة.‏
‏- لا ، ستبقى معي حتى أحصل على بعـض الطعــام والراحة . ولكــن لا أجعلك تتذلل كل مرة آتي بقربــك.‏
‏- لذلك إذا تريدين أن تقيديني بالأصفاد إلى السرير ثانية،سأذهب بسلام ليس بشكل راغب بالضبط ولكنني ‏‎ ‎‎ ‎لم اعد للمعركة."‏
‏- أحنت رأسها ونظرت إلى ألأسفل على الأرض نحو قدميها التي تاحبوها الجوارب، ثم إلى الأعـــلى على ‏
‏ أصابع قدميه العاريتين، البارزة من تحت الحواشي الرطبة للجينز. لم تستغــرق طويلاً لتتخذ قرار وهي ‏‎ ‎‎ ‎تقول" لن يكن ذلك ضرورياً يا تيرني. "‏
‏- أنت لم تعودي تخافي مني ؟ "‏
‏- نظرت إليه وقالت ببساطة " لو كنت الأزرق لما عدت. "‏
‏- ولكن ألا ترين يا ليلي أن علي الرجوع، لأنجو بنفسي. كنت سأموت في الخارج بطريقة أو بأخرى."‏
‏- ولكنك لم تكن لتحييني. الأزرق سيتركني أموت. "‏
‏- أين تكون الإثارة في ذلك ؟ مشاهدتك تموتين لم يكن نفس الشيء كما في أخذ حياتك. لا على ألإطـــلاق.‏
‏- درسته للحظة طويلة وهي تتفحص عيونه لتجد فيها جوابا لأسئلة راوغ عنهــا بدهـــاء بأسئلة أكثر، أو
‏ ‏
‏ ‏‎141‎

‏ ‏

‏ الصمت،أو الأكاذيب،أو اللعبة،ولكنها حاولت أن تلعبها.قالت بشكل متعب"أنا لا أعرف من أنت،يا تيرني، ‏‎ ‎أو ماذا تنوي،ولكنني لا أعتقد أن نيتك إنهاء حياتي أو أنني سأكون ميتة ." أنا لا أثق فيك على الإطلاق ‏‎ ‎‎ ‎ولكنك أنقذت حياتي ." أخمّن أن ذلك يحسب لشيء ما . "على الأقل جداً جعلك متحرراً مـن الأصفــاد."‏
‏- ولكنه لم يعيدنا إلى حيث كنا ذلك اليوم على النهر.ماذا كان علي أن أفعل ؟ كم سيستغرق ذلك لنصل إلى ‏‎ ‎‎ ‎هناك يا ليلي ؟ "‏
‏ لم يتحرك لا هو.ولا هي . ومع ذلك بدت المسافة بينهما تضيق ، واستمرا حتى تحول الجذع في المشبك
‎ ‎المعدني للموقد، مرسلاً وابلاً من الشرر إلى المدخنة مبدداً المزاج .أمـال رأسه باتجاه الباب فقال " أنــه ‏‎ ‎‎ ‎أسهل حينما تمسكين لي الباب."‏
‏- أدارت الباب بينما قام هو بعدة رحلات أضافية إلى الشرفة من أجــل الحطب . وفي رحلتــه الأخيــرة إلى ‏‎ ‎الخارج أخذ معه سطل معدني،السطل الذي ملأه بماء الشرب والذي أصبح الآن فارغاً . وحينما عاد كـان ‏‎ ‎‎ ‎السطل ملآن بالثلج فقال " أريد أن آخذ حمّام. "قشط العديد من الفحم الحـار تحــت المشبــك المعدني في ‏‎ ‎‎ ‎الموقد، ثم بدأ بإذابته فقال" لسوء الحظ سيتعين علينا عمل ليفة حمّام. "‏
‏- قالت متسائلة" ليفة حمّام ؟ "‏
‏- ألم تسمعي تلك العبارة ؟ "‏
‏- لا منذ أن ماتت جدتي . "‏
‏- أنا تعلمتها من جدتي أيضاً. أخبرتني جدتي أيضاً أنه كان حمّام العاهرة . اشتعلت جدتي فيه.لم تكن تحبّه ‏‎ ‎يقول أي شيء يشم منه رائحة قذرة حتى عندما كنت ضمن مدى السمع."‏
‏- كم مرة كان ذلك ؟
‏- أجاب قائلاً " كل يوم أنهم رفعوني ."وبينما كانت تمثل ذلك اختفى في غرفة النوم وعاد بملابس الغسيل ‏‎ ‎‎ ‎ومناشف." كانت منشفتان فقط تركت عليهما الدماء."‏
‏- كيف تشعر برأسك ؟"‏
‏- أحسن الآن.أعطتني الصدمة لحظات عديدة سيئة عندما كنت في الخارج.قال ذلك وهو يشير نحو الباب، ‏‎ ‎‎ ‎غطّس أصبعه في سطل الماء فقال"أنا لا أعتقد أنه يصبح أكثر دفئاً من ذلك.هل تستطيعين أن تتحمليه ؟
‏- ظننت أن هذا لك."‏
‏- أنت تأخذين هذا السطل الأول."‏
‏- لا . شكراً. "‏
‏- أثاره رفضها المقتضب فقال" سأنتظر في غرفة النوم حتى تعطيني السطل فارغاً.هل هذا سيجعلك بأمان ‏‎ ‎‎ ‎من الاغتصاب؟ "ثم اخذ نفساً عميقاً وخفض رأسه وهو يهزّه،طاردا نََفَسَهِ بغضبه على طول.أعتقد بأنك ‏‎ ‎‎ ‎سوف تتمتّعين بالاستحمام. ذلك كل ما في الأمر."‏
‏- وصلت ليلي إلى حقيبتها اليدوية وهي تشعر بأنها معاقبة . وكان مــن بيــن المحتويات قنينـة بلاستيكية ‏‎ ‎‎ ‎صغيرة تحتوي على صابون سائل لغسل اليد . حملتها خارجاً فقالت ، بادرة مصالحة منغوليـا الجنوبيــة
‏ سأشترك فيها."‏
‏- أنا موافق. ستكون منغوليا الجنوبية التحسين الواسع على ما أشمّه الآن ." خطـا في غرفة النوم وهــو
‏ يقول خذي وقتك." فأغلق الباب.‏
‏- نزعت كل ملابسها واستحمّت بسرعة . برز جلدها المبلل بالقشعريرة حتى عندما كانت واقفة فعلاً نحــو ‏‎ ‎‎ ‎الموقد. أسنانها تصطك بلا سيطرة. على الرغم من هذا وضعت ماء فاتــر وملابس الغسيــل . والصابون ‏‎ ‎‎ ‎للاستعمال الجيد.جففت نفسها بسرعة ثم لبست ملابسها وفتحت باب غرفة النوم.انتهى كل شيء وبدت ‏‎ ‎‎ ‎رائعة."‏
‏- كان ملفوفاً في بطانية أخذها من السرير،ولكنه بقى مرتجفاً.سحب باب غرفة النوم وهو يغلقه فقال أنها ‏‎ ‎‎ ‎باردة جداً عليك في الداخل. أن تنفس ذلك الهواء يمكن أن يآدملك نوبة أخرى ."‏
‏- لقد أخذت دوائي. "‏
‏ ‏‎142‎



‏- قال بعناد" أنت لست داخلة إلى هناك. رؤيتك على وشك الموت مرة واحدة تكفي، شكراً. "‏
‏- أنا أكره أن يفوتك حمّامك."‏
‏- أنا لا. لست محتشم. ‏
‏- حمل ماء حمّامها إلى الخارج وألقاه بعيداً، وهو يعيد ملئ السطل بالثلج . بينما كان ينتظره أن يذوب ثـم‎ ‎‎ ‎يسخن،فتشت ليلي في المطبخ فقالت لقد حصلنا على قدور ومقالي.هل تعتقد أن بإمكاننا أن نسخّن علبة ‏‎ ‎شوربة في الموقد ؟
‏- بالتأكيد . "‏
‏- نظرت إلى فوق كتفيه ولمحته ينزع بلوزته فوق رأسه بطريقة غير قابلة للتوضيح يفعلهـا رجــل يجعــل
‏ شعره يقف إلى نهايته ويسحب ذراعيه من ردنيه فقط.‏
‏- لا تريد أن تفكر فيه بذلك الولع المتسامح فجنسها له خواص الآخرين،عبرت إلى شبّاك غرفة النوم ‏‎ ‎‎ ‎ودفعت الستارة جانباً. قالت" ربما أنه خيالي، يبدو أن الثلج قد هدأ قليلاً.‏
‏- أعتقد أن التنبؤات كانت صحيحة. "‏
‏- أنا أخمّن . "‏
‏- سمعت قعقعة إبزيم حزامه يضرب الموقد الصخري عندما أنزل الجينز . سمعــت القشط الهامس للنسيج‎ ‎‏ ‏على الجلد.الرذاذ الناعم وهو يغطس ملابس الغسيل في السطل . وضعت طرف سبابتها على لوح زجاج
‏ النافذة البارد ثم سحبت خط عمودي في الصقيع فقالت"أنا لا أعتقد أن أي من مكالماتي الهاتفية لدوتش ‏‎ ‎‎ ‎قد وصلت.أحسّت بأنه أوقف كل حركة وبقى واقفاً وهو يحدق في ظهرها.بعد عدة لحظات زمنية سمعت ‏‎ ‎‎ ‎رقرقة الماء وعرفت أنه مستمر في استحمامه . والذي يعني أن دوتش لم يسمع مني بأنك الأزرق. لذلك ‏‎ ‎‎ ‎لم يعين دوتش هويتك إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي، كانـوا يبحثون عنك لوحــدهم. ولمــاذا تيرني ؟ " ‏‎ ‎‎ ‎يمكنك أن تسألهم عندما يصلون إلى هنا. "‏
‏- أنا أفضّل أن تخبريني. "‏
‏ لم يقل أي شيء لمثل هذا الوقت الطويل ففكرت أنه كان ينوي تجاهلها. ولكن في النهاية تكلّم فقال" تلك ‏‎ ‎الفتاة مليسنت جن أنا أعرفها من مخزن التجهيزات الرياضية حيث كانت تكتب.كنت هناك أشتري جوارب ‏‎ ‎‎ ‎وفي غضون أيام ربما في اليوم ذاته أبلغ عن فقدانها . أنا متأكد بأنهم يتفحصون كل شخص لديه اتصال ‏‎ ‎‎ ‎معها."‏
‏- هل ذلك ما قالوه في المذياع، بأنهم كانوا يفتشون كل شخص ؟ أو كان أسمك هو الذي ذكر فقط ؟ "‏
‏- ربما أنا الوحيد الذي ليس لديهم خلفية عني . "‏
‏- كان ذلك توضيح معقول، ولكن إذا كان ذلك كل ما هنالك لماذا أصبح منزعجاً جــداً بشأنهِ ؟ وأيضاً شكّت‎ ‎‎ ‎في أسمه يمكن أن يذاع إذا أراده مكتب التحقيقات الفيدرالي لمقابلة روتينية فقــط . قالت" إذا لــم أكــن ‏‎ ‎‎ ‎قادرة على حفر أسمك في القمرة أفترض أني أستطيع أن أكتبه في الصقيع على الشباك. ‏
‏- فجأة كانت قد أدركت ما عملته بالضبط.مثل بنت المدرسة تكتب أسمها على غلاف كتابها حتى من دون‎ ‎‏ ‏وعي ما كانت تفعله، طبعت أسمه في الصقيع.محرجة بلا صبر على نفسها مسحت الاسم من الزجاج... ‏‎ ‎فقط لتراه في المسحة المائية التي تركت بيدها، انعكاس صورته. عاريا، ظهره مضاء بالنار،جلده المبلل‎ ‎متألقاً.انفرجت شفتاها بالهواء المستنشق السريع.ضمنت الرغبة عمقاً ضمن مركزها، نشر وتوسع غير ‏‎ ‎آبهة بمشاهدته،أنحنى إلى الأسفل لغطس الملابس في السطل.عصر الماء منها قبل وضعها على صدره، ‏‎ ‎وهو يحركها بحذر على أضلاعه المكدومة، تحت بطنه ‏
‏ المستوية ، ثم في الخضرة الغامضة بين فخذيه.‏
‏- أغمضت ليلي عيناها وضغطت جبهتها على اللوح الزجاجي للشباك . كان دمها يضخ ثخينا وحاراً. كـان ‏‎ ‎‎ ‎الزئير في أذنيها عالي جداً وبالكاد استطاعت أن تسمعه حين قال" أمكنك إنهاء ذلك.أن الزيت من جلدنا ‏‎ ‎‎ ‎يترك علامات على الزجاج حيث تدوم إلى أن يتم غسل الشباك."‏

‏ 143‏



‏- عن أي شيء كان يتحدث ؟ لم تستطع حتى أن تتذكر. رفعت رأسها لتمنع نفسها من النظــر إليــه ثانيــة
‏ تركت الستارة تنزل على الشباك قبل أن تفتح عينيها.‏
‏- قال " الآن على وشك الانتهاء.سمعت جلجلة إبزيم حزامه عندما ألتقط بنطلونه الجينز. وبعد ثوان قليلة ‏‎ ‎‎ ‎قال" يمكنك أن تستديرين الآن ."‏
‏- لم تنظر مباشرة إليه عندما جاءت ولكن تمكنت أن تراه خارج زاويـة نظرهــا تمكنــت أن تــراه يسحــب
‎ ‎رأسه من رقبة البلوزة.تحركت إلى داخل المطبخ قائلة"سأجهز الشوربة "بدأ صوتها طبيعياً بمعجزة. ‏
‏- جيد أنا جائع. "‏
‏- ذهبَ إلى الخارج ليفرّغ السطل.في الوقت الذي أنظمَّ إليها في المطبخ.فرّغت علبة الشوربة المركزة في ‏‎ ‎‎ ‎المقلاة وأضافت إليها بعض من ماء الشرب الخاص بهما.‏
‏- قال لها شكراً لمنغوليا الجنوبية. "‏
‏- مرحباً بك . "‏
‏- أنا أكره أن أطلب منك أن تعملين هذه ثانية، ولكن ألا تفحصين ذلك الجرح البليغ في رأسي ؟ "‏
‏- تعين عليها أن تلمسه فقالت" الآن ؟
‏- طبعا. "‏
‏- كما في السابق باعد أرجل أحد كراسي الحاجز وهو يحركه خلفه ثم فرّقت شعره المبلل. مبلل ؟ ‏
‏ كان شعره مبللاً ؟ لابد وأنه غطّس رأسه في سطل الماء، ولكن بالنسبة لها كبح الخزي. أدركت أنها ‏
‏ لم تر شيئاً فوق رقبته.‏
‏- قالت " لا يوجد نزيف جديد، ولكن من المحتمل أن أبدل أشرطة الضمادة. " نظّفت الجرح بإحدى ‏‎ ‎‎ ‎الضمادات المطهّرة ثم مرّا بنفس طقوس الجهد في الليلة السابقة قاطعين الجزء اللاصق من الضمادة ‏‎ ‎إلى شريطين بمقصّات تجميل الأظافر ثم وضعاها باتجاه معااحب على الجرح.‏
‏ حاولت أن تنجز المهمة بحل نفس المقدار قدر الإمكان،ولكن كانت حركاتها كانت غير بارعة . أحست‎ ‎به ‏‎ ‎‎ ‎يجفل وهي تعتذر لإيذائهِ.‏
‏- سخّنا مقلاة الشوربة في الموقد وأكلاها جالسين وأرجلهما متصالبة على الفراش الحشو . وقد اكتشفـــا ‏‎ ‎‎ ‎أنهما نهمين، سخنا علبة ثانية. وفي منتصف الطريق أثناء تناول الطعام قال لها" ليلي هل أنت على ما
‏ ‏‎ ‎يرام ؟
‏- رفعت رأسها، جفلت. قائلة" لماذا ؟أصبحت هادئة بشكل سيء أنا تعبة فقط، هي كذبت ، ثم عادت لتأكل ‏‎ ‎‏ حصّتها من الشوربة .‏
‏- لقد أطالا وجبة الطعام قدر الإمكان،ولكن بعد أن انتهيا،مازالا يواجهان الّليل ولا يستطيعــان عمــل شيئاً.‏
‏- وبعد عدة دقائق من الصمت،الذي احبر فقط بخشخشة النار قال لها"خذي راحتك بالذهاب إلى النوم متى ‏‎ ‎‎ ‎شئت. "‏
‏- أنا لست نعسانة ."‏
‏- أنت قلت بأنك متعبة. "‏
‏- متعبة ولكن لست نعسانة ."‏
‏- ذلك ما أشعر به أنا أيضاً. مرهق ولكن يقظ. "‏
‏- تلك الغفوة طويلة ."‏
‏- همم. "‏
‏- تلاه صمت آخر. وفي النهاية نظرت إليه متفحصة فقالت" لماذا ربّوك أجدادك ؟ "‏
‏- أمي وأبي قتلا في تحطم سيارة . كان السائق يقود بسرعة أكثر مما ينبغي ، لم ينتبه إلى علامــة تحذير‎ ‎‎ ‎طريق تحت ألإنشاء،لم يستطع أن يخفض السرعة في الوقت المحدد،وصعد في الواقع فوقهما.فقد عجن ‏‎ ‎سيارتهما. كانت ساعات قبل أن يتمكّنوا من قطع كل أجزاء البدن من الحطام. "‏

‏ 144‏



‏- لم تخدعها نبرة صوته الحقيقية . لم يستطع أن يخفي المرارة الأساسية فيها.‏
‏- حُجِبَت عني التفاصيل حينما حدثت،قال ذلك ولكن بعد سنوات حينما كنت كبيراً في السن بما فيه الكفاية ‏‎ ‎‎ ‎لأسأل عنها،سمح لي جدي بقراءة الجريدة التي كتب في أعلاها عن الحادث.أجدادي فقدا أبنتهما. كنــــت ‏‎ ‎‎ ‎يتيم. خرج سائق الشاحنة المهمل منها يمشي سليماً ولم يصب بخدش. "‏
‏- كم كان عمرك ؟ "‏
‏- حينما حدثت ؟ ثمانيــة أعوام.ذهــب أبي وأمي لقضــاء عطلة نهايــة الأسبوع ليحتفلا بذكرى زواجهمــا ‏‎ ‎‎ ‎العاشرة وتركاني مع أجدادي.وصل إلى المسعر وحرك النار فقال"حينما أدركت بعد جنازتهما أنه‎ ‎لم يكن ‏‎ ‎حلماً سيئاً،حيث كانا قد ماتا حقاً،رفضت العودة إلى بيتنا.أجدادي أخذاني ليحزما أشيائي ولكنني اختـــرت ‏‎ ‎‎ ‎أن أبقى في فناء البيت ولم أدخل.فعلاً لم أتمكن من أن أدخل تلك الغرف ثانية،وأنا أعلم بأن أمي وأبي لم ‏‎ ‎‎ ‎يكونا هناك ."‏
‏- قالت بهدوء " أنت تحبهما.‏
‏- أعطى لامبالاة خجولة فقال"أنا كنت طفلاً.أخذا كل شيء فعلاه من أجلي لغرض تحويله...نعم،أنا أحبهما. ‏‎ ‎كان أجدادي على ما يرام،أيضا.بالرغم من أنني لا بد وأن كنـت بوسيلة مــن وسائل الراحة التي أثقلــت‎ ‎‎ ‎كاهلهما ولم يجعلاني أشعر بتلك الوسيلة. في الحقيقة أنا لم أشك بأنهما يحبّاني."‏
‏- هل سبق وأن عدت إلى بيتك ؟ "‏
‏- لا . "‏
‏- أسندت ذقنها على ركبتيها المرفوعتين وتأملت لمحة حياته قائلة" أنت باقٍٍٍ بعيداً عن البيت الآن أيضاً.‏
‏ لديك المهنة التي تجعلك بعيدا لفترات طويلة من الزمن. "‏
‏- صوّب إليها تكشيرة معوجّة فقال"أراهن أن التقلّصات الناجمة عن الألم سيكون لها يوم رياضة‎ ‎بذلك. "‏
‏- هل كان اختيار المهنة تلك بشكل لا شعوري ؟ أم مدبّر ؟ " ‏
‏- زوجتي اعتقدت أنّه كان مدبّراً." ‏
‏- زوجة ؟ "‏
‏- في الزمن الماضي . كنا متزوجين لكل الأشهر الثلاثة عشر. "‏
‏- متى كان هذا؟ "‏
‏- منذ زمن طويل .‏
‏- كان كبر سنّي يسمح لي بالكاد أن أنتخب ، أقل بكثير من أن أتزوج . يجب أن لا أفعــل ذلك . كنتُ أنانيــاً‎ ‎‎ ‎ومنهمكاً بالذات.ليس جاهزاً لأستقر.بالتأكيد لست جاهزاً أن أُوبَخ بالقياس مـع أي شخـص. حبّي للسفــر ‏‎ ‎‎ ‎كان شكواها الرئيسية.بين العديد التي كنت أستحقّها ، قال ذلك بابتسامة حزينة . لقد أثّرت عليه‎ ‎خسارته‎ ‎‎ ‎لوالديه‎ ‎إلى أن بلغ سن الرشد وهي تؤثر على القرارت التي يتخذها ، مؤثرة على زواجه . ما هي‎ ‎الآثـار‎ ‎‏ ‏النفسية والعاطفية التي تركها ذلك الحدث المأساوي في عمر بن ذي الثمانية أعوام ؟هل أنه غطّى وشوّه ‏‎ ‎‎ ‎روحه ؟ لم يعد مستقرّاً،ربما أراد غضبه المكبوت مخارج أخرى.هل كان هو الأزرق؟الشريط والأصفاد، ‏‎ ‎‎ ‎تناقضاته وتهرّباته التي كانت من المهـم جــداً أن يزيلهــا . لو كانت قد بثّت في المذياع‎ ‎يعني أن شرطــة
‎ ‎كليري كانوا يبحثون عنه، تمكنت أن تفترض بأن أحدى نداءاتهـا الهاتفيــة إلى دوتش‎ ‎قد وصلت. ولكــن ‏‎ ‎مكتب التحقيقات الفيدرالي؟ كان هناك أجزاء جوهرية فقدت من شرحه لاهتمامهما به.سألت نفسها، أنت ‏‎ ‎تنظرين إليه للمرة الألف كيف أمكنه بأي حال أن يكون الرجـل الذي خطــف النساء وفي كافة الاحتمالات ‏‎ ‎‎ ‎قتلهن . من الواضح أنها ستعرف إذا كان مضطرب العقل ساكنا وراء عينيه . كانت هنالك كثافة فأحيــانا ‏‎ ‎‎ ‎يطلق شرر من الغضب أو الهياج ولكنها لم تومض بالجنون الناري‎ ‎المسعور للقاتــل المتسلسل. صوتــه ‏‎ ‎غير ممزوجا بالعاطفة والخوف،حيث سمعه يناديها خارج ذلك‎ ‎الفراغ.ثم لساعات غفل عن انزعاجه،كان ‏‎ ‎قد مسكها بين ذراعيه، لمسها بتلك الرقة و --- تبلورت‎ ‎نواياها حول ألإدراك المفاجئ . الملاطفــات التي ‏
اعتقدت أنها جزء من حلم عجيب لم تكن تحلم به على الإطلاق . كما لو أنه كان متناغماً مع أفكارها، أدار ‏
رأسه وثبّت نظرته‎ ‎الزرقاء عليها فقال"أنا أعتقد‎ ‎أنه قد حان وقت الذهاب للنوم . "‏
‏ ‏
‏ 145‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رواية عامل البرد للكاتبة الأمريكية ساندرا براون ترجمة ذياب موسى رجب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» رواية عامل البرد للكاتبة الأمريكية ساندرا براون ترجمة ذياب موسى رجب
» رواية عامل البرد للكاتبة الأمريكية ساندرا براون ترجمة ذياب موسى رجب
» رواية عامل البرد للكاتبة الأمريكية ساندرا براون ترجمة ذياب موسى رجب
» رواية عامل البرد للكاتبة الأمريكية ساندرا براون ترجمة ذياب موسى رجب
» رواية عامل البرد للكاتبة الأمريكية ساندرا براون ترجمة ذياب موسى رجب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى اسديره الثقافي :: الزاوية الأولى :: الرواية وصناعتها-
انتقل الى: