منتدى اسديره الثقافي
حللت اهلا ووطئت سهلا في ربوع منتدى اسديره الثقافي
وزكاة العلم تعليمه .. اهلا بك مره ثانيه عزيزي الزائر الكريم
منتدى اسديره الثقافي
حللت اهلا ووطئت سهلا في ربوع منتدى اسديره الثقافي
وزكاة العلم تعليمه .. اهلا بك مره ثانيه عزيزي الزائر الكريم
منتدى اسديره الثقافي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى اسديره الثقافي

منتدى ثقافي علمي *مهمته الادب والشعر في جنوب الموصل / العراق
 
الرئيسيةالنجمة : رواية للكاتبة الأمريكية دانيال ستيل . ترجمة ذياب موسى رجب I_icon_mini_portalأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 النجمة : رواية للكاتبة الأمريكية دانيال ستيل . ترجمة ذياب موسى رجب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ذياب موسى رجب




عدد المساهمات : 64
نقاط : 222
تاريخ التسجيل : 14/05/2012

النجمة : رواية للكاتبة الأمريكية دانيال ستيل . ترجمة ذياب موسى رجب Empty
مُساهمةموضوع: النجمة : رواية للكاتبة الأمريكية دانيال ستيل . ترجمة ذياب موسى رجب   النجمة : رواية للكاتبة الأمريكية دانيال ستيل . ترجمة ذياب موسى رجب Emptyالأحد سبتمبر 02, 2012 2:57 am

الفصل الثاني

أصبحت الصلاة العامة في الكنيسة بسيطة وحلوة عندما تبادل العريس والعروس نذورهما في كنيســــة صغيرة بيضاء في مدينة جيم. بدت بيكي جميلة ومغرورة في ثوب الزفاف الذي صنعته لها أمـــّها, وبدا توم عصبياً وصغير جداً في البدلة الجديدة الزرقاء التي اشتراها للعرس.كان بويد ويبستر الرجل الأفضل بشعره النحاسي ووجهه المليء بالنمش . وبينما كان تاد يراقبهم من المقعد الأمامي الطويل كان يفكـــّر كيف أنهم أصبحوا جميعهم صغاراً بالكاد أكبر من الأطفال. كانت أختها الوحيدة كريستال حاضرة، وقفت على جهة واحدة وهي تنظـر إلى بويــد بخجــل في محاولــة أن لا تنظر بافتتان فضولي إلى زوجته التي كانت واقفة في مؤخرة الطابور.
لبست هيروكو ثوب حريري أخضر بسيط وعقد من اللؤلؤ وحــــذاء جلدي أسود . كانت متلهفة أن تبدو غربية قدر ما تستطيع رغم أن بويد أرادها أن تلبس الكيمونو الرسمي الذي لبسته في عرسهما الخاص في اليابان ، وبدت تشبه الدمية بالكانزاشي التقليدي في شعرها والخنجــــــــــر الذهبي ومحفظة القماش الصغيرة المطرّزة التي ملأت بالعملات المعدنية حيث دسّت إلى زنّارها الذهبي. ولكن كـــــل ذلك قد نسي الآن عندما شاهدت العائلات والأصدقاء المقربين بيكي وهي تصبح زوجة توم. هو قبّل العروس كمـــــا أبتهج جارد وربتت أوليفيا على عينيها بمنديل مخرّم حملته في عرسها . كــل شيء أنقضى بشكل مثالي ووقفوا في الخارج لفترة من الوقت يتحدثون مع العائلة والأصــــــــــدقاء ومعبّرين عن إعجابهم ببيكي.
أبتسم الرجل الأفضل الذي صفع توم على ظهره بابتهاج وصافحه الجميع وقبلوه وتمتعوا باحتفال بسيط بالمنسبة. رمى جارد ملء يده من الرز عليهم عندما عادوا إلى سياراتهم وقادوا الموكب عائديــــــن إلى مزرعة ويات للغداء المجهز بعناية حيث منيرفا و أوليفيا وجاراتهن وقد عملن لأيام قبــــــــــل العرس.
وحالما عدنََ إلى البيت انطلقت أوليفيا بسرعة حول المطبخ وهي ترشد عمال المزرعة لحمل الصـــواني
والأطباق الكبيرة إلى مناضد تنتظر في الخارج . تم استئجار زوجاتهم للقيام بإعمال الخدمة والتنظيــــف بعد ذلك. وقد حمّلت المناضد بالطعام الذي بدا ممتداً فوقها إلى الأبد. ديكه رومية وديكه مخصيه مسمّنة
لحم بقر مشوي وأضلاع ولحم خنازير وبازلاء ذو العين السوداء وبطاطا حلوة، وخضراوات وسلطــات
وهلاميات تصنع من اللحم وعصير الطماطم وبيض بالتوابل والكعك المحلّى والحلويات وفطائر الفاكهــة
وكعكة عرس كبيرة وعريضة وضعت على منضدتها الخاصة. بدا الطعام كافياً لإطعام جيش كامل، كمــــا أن تاد ساعد الرجال لفتح الخمر وجلس توم مكشّراً وجهه عند عروسه مع بويد الذي بدا بجانبهم وهــو يبتسم بخجل. كان بويد ولد ذو مظهر جيد بقلب مفتوح وعيون حنونة وكان دائماً مولعاً بعائلة ويـــــات.
كانت أخته جيني تذهب مع أبنتهم بيكي إلى المدرسة وتذكّر جارد وكريستال عندما كانا أطفال رضــــــع،
بالرغم من أنه كان بالكاد اكبر عمراً مما كانوا. ولكن في سن الثانية والعشرون ونتيجة مشاركته لمدة أربع سنوات في الحرب تحت حزامه شعر أن عمره أكبر.
-حسناً توم لقد فعلتها. كيف يشعر ليكون رجل متزوج ؟" أبتسم بويد ويبستر ابتسامة عريضة لصديقه
عندما نظر توم فيما حوله بسرور ظاهر. يعتبر الزواج من عائلة ويات بالنسبة إلى توم باركر بمثابة ارتقاء إلى العالم.كان ينظر قدماً للعيش في المزرعة والمشاركة في أرباحها المريحة،إذا لم تكن بصورة مباشرة فعلى الأقل في أسلوب الحياة. كان تاد يهيئه لشهور وهو يشرح له عن الذرة والماشية ومزارع العنب.كان الجوز أقل مغامرة مربحة في المزرعة،ولكن حتى لو لم تكن تلك عمليـة صغيرة. وفي فصــل الجوز كل واحد في المزرعة يقوم بالمساعدة حتى تتســخ أصابعهم مــن جني وتقشير الجــوز. للأشهر القليلة الأولى مع أن توم كان يروم مساعدة والد زوجته بمــزارع العنــب. وأثــاره أحــد أصدقــاءه على الصحون الممتلئة بلحم الخنزير والديك الرومي قائلاً" نعم أنا أراهـن بأنك سـوف ."مذاق الخمـــر أليس ذلك ما يسمّونه يا توم ؟"
- ضحك العريس بسعادة عيناه مبتهجتان قليلاً كما قهقهت بيكي وسط مجموعة البنات التي نشأت معهن
كن معظمهن متزوجات الآن أيضاً. وأخيراً عند انتهاء الحرب وعاد الأولاد إلى الوطن بمجرد أن البنـات
9
أنهينَّ المدرسة الثانوية وكــان هنالك عشرات الأعراس في الوادي في العــام الماضي. وأنجـــب البعض
منهن أطفالاً قبل ذلك وكانوا يثيرون بيكي الآن بسبب حصولها على الحمل. فقالوا" لها سوف لن يــدوم طويلاً يا بيكي ويات...فقط انتظري...شهر آخر أو شهرين، وأنك سوف تتوقعين" فالبنات قهقهن عندما كانت السيارات والشاحنات الصغيرة واصلت الاندفاع بتزايد ، ووصل جيرانهم وقد ارتدوا ملابس يــــوم الأحد المفضّل لهم وهم يؤنبون أطفالهم ويحذرونهم ليتصرفوا ولا يمزقوا ملابسهم وهم يركضـــــون مع أصدقائهم بطيش حول مناضد الطعام . وفي غضون ساعة، كان هنالك مائتان من المهنئين الجيدين مــع طول مناضد الطعام إضافة إلى نصف عددهم من الأطفــال فالصغــار منهــم واقفين قرب أرجــل أمهاتهـم خائفين أن يتيهوا بعيداً أكثر مما ينبغي . الأطفال الرضّع بين أذرع أمهاتهــم والقليل من الأولاد الصغــار يحملهم آبائهم على أكتافهم وبمسافة قليلة بعيداً عن المناضد التي تم وضعها بعناية على الأرض حشـــد كبير من الأطفال يطاردون بعضهم البعض حول الأشجار وهم يحاولون مسك أحدهم الآخر.
العديد من الأطفال المغامرين تسلقوها والفتيات وقفن في مجموعات كبيرة يقهقهن ويتحدثن ويضحكـن،
البعض منهن فتحن الحديث عن الأراجيح التي بناها تاد قبل سنوات من لأطفاله. لقد انظمّوا إلى كبـــــار السن منهم من وقت لآخر , ولكن في كل مجموعة أجمالاً كان هنـالك رضــا في تجاهــل الأخرى أفترض الآباء أن يكون الأطفال في أمان بالقرب منهم وكان الأطفال راضين بأن لدى آبائهم مرح أكثر من اللازم ليهمّوا أنفسهم بما كانت ذريتهم منهمكة به. ومثلما كان دائماً وقفت كريستال على حافــــة المجموعــات الأصغر سناً , منسية تقريباً باستثناء بعض نظرات الحسد أو الإعجاب بين حين وآخر . الفتيات راقبنهــا بحذر دائماً وكان الأولاد في السنوات الأخيرة مفتونين بها. رغم أنهم أبدوها بغرابـــــــة أحياناً يتدافعون بل وحتى يتصارعون بقوة عند الشعر الأشقر الطويل، أو يتظاهرون بالمصارعة معـها،أو يدفعوها بقوة جداً أو يعملون أي شيء ليتمكنوا أن يلفتوا انتباهها بشكل طبيعي بدون أن يتحــــدثون معها في الواقع. والبنات يحاولن أن لا يتحدثنَ معها على الإطلاق. نظراتها جلبت لها الكثير من التهديد.
كانت منعزلة عنهن دون أن تفهم السبب. كان هذا الثمن الذي دفعته بسبب جمالـــــــها. هي وافقت على الطريقة التي عاملنها كالشيء الذي كان بدون أن تفهم السبب أيضاً. حينما يدفعها الأولاد أحياناً وكانت
تشعر أنها شجاعة ثم تدفعهم مباشرة إلى الخلف أو تضربهم أو حتى تعثّرهم عندما يزعجوها. كانـــــــت
مشاركتها الوحيدة معهم وبقية الوقت هم يتجاهلوها. عرفتهم جميعهم منذ أن ولدوا وحتى السنــــــــوات الأخيرة ،كانت كما لو أنها أصبحت غريبة.كان الأطفال مدركين ككبار السن فيهم كم كانت أخـاذة، كم هي رائعة بشكل مدهش. ولكن لم يعرف أحداً منهم كيف يتعامل معها. هنالك ناس بسطاء وكما لو أنها كانت في السنة أو السنتين الماضيتين قد أصبحت شخصية ما مختلفة. لقد أثرت في نفـــــس الأولاد وبصـورة خاصة أولئك الذين عادوا مــن الحرب إلى الوطن بعـدة مدة أربعة سنوات بعيداً ، كانوا قد صدموا نفسياً لرؤيتهم ما حدث لكريستال . دائماً جميلة مثل فتاة صغيرة لم يكن هنالك شيء حولها في سـن العاشـــرة لافتراض أن قوة جمالها كاملة عندما أصبحت امرأة. ولكنها كانت لم تعرف رغم ذلك عن تأثير جزء من فتنتها على الرجال من حولها , ولم تزل صابرة وحسنة الطبع عندما كانت فتاة صغيرة . لو أن هناك أي شيء فهي الآن أكثر خجلاً،لأنها عرفت تأثيرها تغير بشكل مهذب على أولئك الذين يحيطون بها،ولكنها لم تعرف السبب. فقط أخيها الذي عاملها كما كان دائماً بمـودّة وقحــة. ولكن قلّــة وعيها حول نظراتهــا جعلت براءتها حسّية لدرجة أكبر ، الحقيقة التي كان أبوها يدركها جيـداً ولمــدة سنتين أخبـرها ألآن أن تتوقف عن التسكع حول عمال المزرعــة. لقد عرف مــاذا كانوا يفكرون بالضبط ولماذا، ولــم يكـن يريد كريستال أن تعمل شيئاً غير متعمّد لأثارتهم . كان لطفها وطريقتها الصامتة في التحرك بينهم أكثر بكثير من تجاوزهم عارية تماماً . ولكن تاد لم يعد قلقاً بشأنهـا الآن ، عندمــا تحــدّث عن السياسة والرياضــة والثرثرة المحلية وأسعار العنب مع أصدقائـه. كان يوم سعيد لجميعهم كما أن أصدقائهم أكلوا وتحـــدثوا وضحكوا. ولعب الأطفال بقربهم بينما كانت كريستال تراقبهم.
10
وقفت هيروكو على انفراد أيضاً بعيداً قليلاً عن جميعهم تحت ظل شجرة وحيدة صامته وعيناها لم تترك زوجها. كان بويد يتحدث مع توم في جمع من الأصدقاء واقفين على شكل دائرة يتذكرون الحرب. كان من الصعوبة التصديق أنها انتهت قبل أقل من عام. بدت أعمارهم خلفهم الآن. برعبها وإثارتها التي سببـها الأصدقاء وأولئك الذين فقدوا. هيروكو هي الوحيدة التي وقفت هناك كرسالة تذكير حية أين أصبحوا وما هو الشيء الذي لا زالوا يتذكرونه الآن. كانت تراقب بعداء مفتوح ولا واحدة من النساء اقتربت إليـــها. حتى أخت زوجها جيني ويبستر كانت حذرة لتتجنبها. كانت جيني تلبس ثوب قرنفلي ضيق بقصّة واطئة على صدر ثوبها الكامل مع سترة مماثلة مع أقمشة منقطة بيضاء إلى حد ما وثوب يشبه الشال كانـــــت ترتديه الإغريقيات حيث أظهر عجزها بشكل رشيق. حتى أنها كانت تضحك بصوت أعلى من البقية وهي تغـازل كل أصدقاء بويد كما كانت قبل سنوات عندما كان بويد يأتي بهم إلى البيت بعد المدرسة وحاولت أن تأسر زملاء أخيها . ولكن أناقتها كانت مختلفة جداً عن أناقة كريستال . كانت جنسية بشكـــــل علني بشعرها الأحمر اللامع وثوبها الضيق وماكياجها الواضح. كانت تتحدث عنه منذ سنين وأحب الرجال أن يدسوا ذراعا حول كتفيها ويلقون نظرة فاحصة من تحت ثوبها إلى صدرها الواسع. أنها أعادت الذكريات للعديد منهم. منذ أن عادت بعمر الثالثة عشر كانت جيني كريمة دائماً بأفضالها .
ما الذي أوصلك إلى هناك يا جيني ؟ قال لها العريس وهو يمشي بشكل جانبي إليها. وهو يشم شيء مـا
أقوى من الخمر الذي كان تاد يقدمه. كان قليل من الرجال يشربون الويسكي في مخزن الحبوب وكــــان
توم دائماً في عجله من أمره لينظم إليهم. راقبها الآن باهتمام واضح وعندما عصرها وهو يقرّبها إليــه
وترك يده تنساب تحت سترتها. كانت تحمل باقة زهور بيكي لكنه لم يكن يشير إلى الزهور. كان ينظــر
مباشرة إلى شقها فقال لها" هل مسكت باقة الزهور ؟ خمني أنت التالية." ضحك بخشونة وهو يظــــهر أسنان جيدة وابتسامة فازت بقلب بيكي قبل سنين . ولكن جيني عرفت عنه أكثر من ذلك والذي لم يــكن
سراً بالنسبة للبعض.
" أنا أخبرتك بأنني سأتزوج قريباً جداً يا توم باركر. "تنهدت عليه وسحبها إليه تماماً. وعندمــا خجــــل بويد ونظر بعيداً عن أخته وصديقه وهو يحبس بصره عن عروسه العاجية الصغيرة وهو يراقبهما عـن بعد عندما نظر إلى هيروكو آنذاك كان نادراً بأنه ترك جانبها ولكن اليوم بسبب كونه رجـــل توم الأفضل فمن الصعوبة أن يكون يقظاً معها كما يحب ولكن بما أن جيني وتوم ضايقا وضحكا أنســلَّ بويد مبتعــداً بهدوء وذهب ليجد هيروكو. هي ابتسمت عندما أقترب وشعر بقلبه يشد بقوة كما فعل دائماً عندما نظــر إلى عينيها اللطيفتين اللتين جلبتا له الراحة على طول الطريق من البيت وقد كرّست له في كل لحظة منذ أن وصلت إلى الوادي. أنها احبرت قلبه ليرى ناس كانوا قساة عليها. بالرغم من تحذيرات أصدقائه في اليابان لم يكن مستعداً لرداءة كلماتهم أو الأبواب التي صفعـــــها في وجوههم. أكثر من مرة فكر أن ينتقل بعيداً ولكن كان هذا بيته وهو لا يروم الهروب فلا مشكلة فيما قالوا أو فعلوا بالنسبة له. كانت هيروكو الإنسانة الوحيدة التي يقلق عليها . فكانت النساء قاسيات جداً عليها وكان الرجال أسوأ. كانوا يسمونها جوك أو اليابانية حتى الأطفال لا يتكلمون معها فقد اخبروا ليس من والديهم . سمعت بكاء بعيد من عائلتها اللطيفة المحبوبة في اليابان.
أبتسم لها وهو يقول "هل أنت على ما يرام؟ "ثم أحنت رأسها وأومأت ثم نظرت إليه بخجل طريقة جعلت قلبه يذوب دائماً.
فقالت " أنا بخير يا بويد سان. أنها حفلة سخيّة جداً." ضحك على اختيارها للكلمات وبدت محرجــــة ثم
قهقهت قائلة. لا ؟ "
مال عليها وقبّلها بلطف فقال" لا تعيرين اهتماما لمن كان يراقب. هو أحبها هي زوجته فإلى الجحيم
بهم إن لم يستطيعوا أن يفهموها . برز شعرها الأحمر والنمش في تباين حاد مع جلدها العاجي والشــعر الأسود الداكن الذي جعلت منه تسريحة على شكل في كعكة لطيفة في قفا رقبتها.
11
كل شيء فيها بسيطاً وأنيقاً ومرتباًً بشكل رائع. كأنما أصيبت عائلتها بصدمة مثل عائلته عندما أخبروهم أنهم تزوجوا . حذرها والدها من أن ترى بويد ثانية ولكن في النهاية في الوجه الحنون لبويد وأساليبـه اللطيفة والحب الواضح للفتاة بالرغم من دموعهما ودموع أمها فقد لانوا. لم تخبرهم هيروكو شيئاً فــي رسائلها عن الاستقبال الوحشي الذي صادفها في وادي الاحبندر، أخبرتهم عن الكوخ الصغير اللذان كانا يعيشان فيه فقط والريف الجميل وحبها لبويد جعل ذلك كله يبدو بسيطاً وسهلاًً. عندما وصلت في البدايـة لم تكن تعلم شيئاً عن معسكرات الاحتجاز لليابانيين خلال الحرب، أو الغضب والازدراء الذي ستصادفــه في كاليفورنيا.
- هل أكلتِ ؟" شعر بالذنب وهو يدرك كم من الوقت تركها لوحدها وشك فجأة, بشكل صحيح بأنها لـــــم
تأكل. كانت خجولة من الاقتراب إلى أي من المناضد الطويلة المحاطة من قبل جيرانهما.
- أنا لست جائعة جداً يا بويد سان . أنها حارة جداً."
- سأآدملكِ شيئاً ما الآن. كانت قد تعودت ببطء لتستسيغ الطعام الغربي رغم أن معظم الطعــــــام الذي
طبخته لهم كان على الطريقة اليابانية التي بدأ يحبها في اليابان حيث علمتها أمها .
قبّلها مرة ثانية فقال" سأعود حالاً."وأسرع إلى المناضد،لا تزال مليئة بالطعام الذي هيأته أوليفـيا وأمها ثم عاد إليها حاملاً صحن وقف غير قادر على أن تصدق عيونه. لا زال يحمل غداء هيروكـــــــو الذي تأخر طويلا أسرع بويد نحو الرجل الطويل ذو الشعر الأسود وهو يصافحه مع توم باركر. وقــف بعيداً عن بقية الضيوف بسترته ذات اللون الأزرق الغامق وسروالها الأبيض الفضفاض وربطة عنــق حمراء لامعة وشذا عطر على مقربة منه حيث دل على العالم البعيد من الطمأنينة، بعيداً عن الــوادي.
كان هو أكبر سناً من بويد بخمسة سنوات فقط وقد بدا مختلفاً الآن، ولكنهما كانا صديقين مقربين في
منطقة الباسيفيك. كان سبنسر هيل قائده هو وتوم، حتى أنه جاء إلى عرس بويد وهيروكو في كيوتو وأقترب بويد منه بتكشيرة عريضة. كان سبنسر يصافح توم ويهنئه وبدا مسفوع من حرارة الشمس وهادئاً ومرتاحاً كما كان هناك في اليابان بزيه العسكري الرسمي. كان هو الرجل الذي كان يبدو هادئاً في أي مكان.بدت عيونه الزرقاء الماكرة تأخذ المشهد كاملاً بنظرة خاطفة وببعد لحظة كان يسخر من بويد ويبستر.
- حسناً، سأُلعن ثانية! أيها الطفل صاحب الوجه المليء بالنمش ! كيف هيروكو ؟" جرحت مشاعر بويد
ذلك انه ذكر أسمها وابتسم عندما أشار إلى الأشجار التي كانت واقفة بجانبها.
- هي رائعة. يا للمسيح مر على ذلك زمن طويل يا حضرة النقيب..." التقت عينيهما في ذكرى سريعة
من الخوف الألم الذي اشتركا فيه،ولكن كان هنالك أكثر من ذلك هنالك دنو سوف لن يأتي ثانية. قرب ولد من الحزن والإثارة والرعب والنصر أيضاً. ولكن النصر بدا لحظة قصيرة بالمقارنة مع البقية. وقد مضى عليه سنوات قبل أن يتذكره الجميع. فقال بويد" تعال وسلم عليها."أعتذر سبنسر من المجموعة وترك توم مع مجموعاته. في المعنويات العالية في ذلك الوقت واللهفة إلى العودة إلى مخزن الحبـوب للمزيد من شراب الويسكي. كيف كنت ؟ أنا تساءلت أن كنت هنا. أو فيما أذا كان اثنان منكم سينتقلان إلى البلدة الآن. "أعتقد أحياناً أنه سيكون من الأسهل لهما العيش في مكان مثل سان فرانسيسكو أو هنولولو، ولكن بويد صمم العودة إلى الوطن إلى الوادي الذي تحدث عنه في أحيان كثيرة.امتلأت عينا هيروكو بالدهشة وانحنت عندما رأته.كما أبتسم سبنسر لها وبدت كأنها صغيرة ومرهفة الإحساس كما كانت قبل سنة على زفافها. ولكن كان في عينيها شيء ما أكثر الآن، الحكمة والحزن اللذان لم يسبق أن كانا هناك من قبل ، وشك سبنسر أن السنة الماضية لم تكن لطيفة ولا مريحة." تبدين جميلة يا هيروكو. أنه لأمر حسن أن أراكما كلاكما ثانية." أخذ يدها بيده بلطف بحيث أنها خجلت وهي لا تجرؤ على النظر إليه عندما كان زوجها يراقبهما.كان النقيب محتشماً نحوهما كليهما.هو فعل كل ما استطاع ليثبط عزيمتهما من الزواج ولكن في النهاية وقف بجانب بويد عندما كان لديه كل رجاله في المعركة وخارجها . هو رجل من النوع الذي عرفه رجاله أنهم دائماً يعودون إليه . كان قوياً وذكياً وودياً ولا
12
يلين عندما يدعونه نحو دنو المنزلة والذي نادراً ما فعلوا ذلك. كان هنالك بضعة رجال تحت أمرته والذين رفضوا الالتزام بالمثل الذي وضعهم فيها. عمل بجد, قاتل بجانبهم وكان لا يتعب على ما يبدو عندما ناضلوا لينتصروا في الحرب وأصبح الآن غريب جداً... لقد انتهى وهنا كانوا نصف الطريق حول العالم سالمين ثانية رغم أنه لا شيء منها ينسى فقد مر على ذلك زمن طويل أليس كذلك ؟ التقت عينا سبنسر بعيني بويد ورأيا هناك شيء أقدم وأكثر حكمة. شاهدا كلاهما الألم سوية في الحرب وحتى بعيداً عن الحرب بدا النقيب الوسيم أصغر سنّاً بكثير مما كان حينما التقيا آخر مرة عندما غــــادر بويد اليابان إلى سان فرانسيسكو.
- أنا لم أكن أعلم بأنك ستكون هنا اليوم "قال بويد ذلك بهدوء وشعر أنه أكثر سعادة برؤيته حيث عرف سبنسر. كان أو لشخص تكلم بلطف مع هيروكو منذ أن وصلت إلى كاليفورنيا في أيلول فقال لها" أن توم لم يخبرني." ربما كان مشغولاً جداً بالتفكير بعروسه."
أبتسم سبنسر لكليهما ابتسامة عريضة مطمئنة. فقال" أنا كتبت وأخبرته بأني سأحاول المجيء ولكني
لم أكن متأكداً من نفسي حتى قبل أيام قليلة. كان من المفروض علي العودة إلى نيويورك الآن ولكــــن
لا يبدو أنني سأغادر كاليفورنيا. "ألقى نظرة على بويد الذي سلّم هيروكو صحن وحثها لتجربه ولكنها كانت مولعة بصديقهما أكثر من الطعام حيث وضعت الصحن على عقب جذع شجرة خلفـــــــها تماماً.
- هل أتيت إلى هنا في أجازه يا سيدي؟ كانت عينا بويد مليئة بالمودة والاحترام الذي كان يميز علاقتهما في اليابان فهز سبنسر رأسه وضحك بشكل علني فقال"
- لا، لست أنا من أجل المسيح يا ويبستر أسمي هو سبنسر أم هل أنك ناسياً ؟
- تورّد وجه بويد ويبستر من الخجل بشكل احمر ناصع كما كان دائماً يفعل حتى عندما كان في معركـــة
حامية حيث منح الكثير من الألقاب من قائده. والآن ضحك الرجلين ثانية. فقال"اعتقدت أنك قـد تتزوجني في المحكمة لو قلتها."
ابتسمت هيروكو وهي تراقبهم حيث ذكّرها بالزمن البعيد الأكثر سعادة، بعيداً من هنا، عندما كانت في البيت، ولم تكن غريبة وغير مرغوباً فيها.
- صدّّّق أو لا تصدّّّق أنا عائداً إلى الكلية ثانية أنا لم أستطع أن أفهم ما الشيء الآخر الذي علي أن افعله بعد الحرب . أنا أنهيت السنة الأولى فقط من كلية القانون."لقد تدبّر أن ينجز سنتين في سنة واحدة ويتخرج من كلية ستانفورد للحقوق في الصيف التالي.
- في الشرق ؟" أعتقد بويد بأن رجلاً مثل سبنسر هيل سيذهب إلى كلّية مثل ييـــل أو هارفارد.عرف أنه كان يمتلك المال رغم أنه لا يعرف الكمية.لم يتحدث سبنسر حول ذلك النوع من الشيء ولكن لديه هالهً من الخلفية الثقافية دائماً وقد سمعوا جميعهم إشاعات بأنه كان من عائلة مهمة في الشرق حيث لم يقلها أبدا.جميعهم عرفوا أنه يذهب إلى الكلية وكان هو ضابط ولكنه البقية كانت لغز ويزحف في حقل ألغام ولم يبدو منها شيء مهمّاً . ولكن كان سبنسر يهز رأسه وهو ينظر إلى صديقه الشاب يفكّر كم أن هذا المكان بعيداً عن العالم الذي عرفه . يبدو بمسافة سنوات ضوئية من التطور عن سان فرانسيسكو وهنالك جيب صغير من الحياة لم يكن حتى يفكر فيه. عالم من المزارع والحقول, والناس الذين عملوا على هذه الأرض.كانت حياة صعبة وحتى أن وجه بويد بدا يظهر له في السنــة الثانيــة والعشرين مـــن العمر. "لا أنا في ستانفورد. أنا وقفت هنا في طريقي إلى البيت ووقعت في حبها.درجت أسمي في قائمة قبل أن أعود إلى نيويورك.حسبت أنني لو انتظرت حتى بعد ذلك.سوف لن أفعلها. أنا أحب أن أخرج من هنا.أنها بدت رائعة حيث أن ستانفورد تبعد من هنا ثلاث ساعات فقط. كذلك أنه قد تم في بلد آخر.سأعود في فصل الخريف.أنا وعدت ناسي أنني سأعود شرقاً في هذا الصيف كان لدي أسابيع قليلة معهم فقط بعــد أن خرجت من الخدمة ثم بدأت أدرس في كلية الحقوق.يبــدو جنون إلى حد مــا وأنــا في عمــري هذا إلا أنــه بدا على الكثير من الرجال التباطؤ نتيجة تأثير
13
الحرب حتى أن بعضهم بدوا أكبر سنّاً مني. وأنت يا بويد؟ ماذا تفعل ؟
جلست هيروكو بهدوء واستمعت وكانت تصغي إلى حديثهما. تساءلت كم سيخبره بويد عن مشاقهما. لم يشتك أبداً، ليس لها، على أية حال، وفي هذه الأيام عرفت أنه من الصعوبة عليه أيجاد شخص ليتحــدث معه. أدهشا كلاهما عندما طلب توم منه أن يكون رئيس مرافقي العريس في الزفاف. لم يدعهما شخص
آخر أبداً أو حتى تحدث معهما وأحيانا السيد العجوز بيترسون الذي كان يتعين عليه أن يضخ الغــــــــاز بنفسه لأن أحد ما يرفض أن يدع بويد أن لكي يساعدهم. الأحوال العامة بخير. كان من الصعوبة إيجــاد عمل لكل شخص عاد إلى الوطن في نفس الوقت. ولكننا نعمل بشكل رائع راقبته هيروكو لم تقصــد في عينيها شيئاًً كما أومأ سبنسر. قائلاً " أنا مسروراً. "كان مضطرب البال من كليهما، وقد اقترّب من نفسه أكثر من مرة لعدم البقاء على اتصال. كان مهتم في معاملة بويد معاملة عظيمة عندما كان احد رجالـــه، وكان قلقاً من زواجه لهيروكو. أنه من الجيد أن تعرف بأن تلك الأشياء تحققت لهما. وكان هنـاك آخرين، هو عرف الذين لم يستطيعوا أن يحققوا نجاحاً أيضا والذين أصبحوا غريبين عن عائلاتهم بسبب عرائس الحرب اللواتي جاءوا بهن إلى الوطن والذين عادوا ليشربوا بل حتى ينتحرون أو يهجرون النساء اللواتي جاءوا بهن إلى الوطن لبلد لا يرحم.ولكن بدا كلاهما جيدان ومازالا سوية. كان ذلك بعض الشيء.هل سبق وأن أتيت إلى سان فرانسيسكو ؟ "أبتسم بويد وهز رأسه. كانت الحياة صعبة حيث كانا يعيشان وهما لا يملكان المال لشراء الغاز على أية حال، ولكنه لم يخبر سبنسر بذلك. كان صغيراً ومتكبرا وعرف هو أنهما سيعملانها. ينبغي عليك أن تأتي وتراني في وقت ما. بقيت لي سنة أخرى قبل أن أكون محامي. فكرة جهنمية، أليس كذلك ؟" ضحكــــــا ولكن بويد لم يكن متفاجئاً.كان لدى النقيب هالة من النجاح حوله رغم ذلك،كان محبوباً تماماً من قبل كل شخص الرجال المتطوعين والضباط .كان بويد يشك دائماً بأنه سيكــون رجلاً مهمّاً ذات يوم. وكونه محامي بدا كخطوة أولى على السلّم.نظر سبنسر فيما حوله عندما أبتسم بويد عليه ، ثم التقت عينيهما ثانية. " قال ماذا تحب عروس توم ؟ " تبدو فتاة رائعة."
قال "أنها على ما يرام. هي صديقة أختي. "ومع ذلك ضحكا كلاهما. سمع سبنسر الكثير عن جيني ويبستر كانت ترسل صورها دائماً إلى أخيها في بدلات الاستحمام وتطلب منه أن يجد جنود ليكتبوا عنها. كانت فقط مراهقة آنذاك وشعرها يشبه شعر أخيها اللامع الأحمر ونفس النمش ولكن بالأحرى جسمها مدهش أفراد عائلة وايات والناس الطيبين. توم يروم العمل في المزرعة مع والد بيكي. بدا لبويد مثل هدية من الله ولكن أصبح محرجاً فجأة معتقد بأنها كانت أقل فتنة من دراسة القانون في ستانفورد. ولكن سبنـسر شعر بالاحترام عندهم عندما نظر حوله في إعجاب صريح. بدت المزرعة مريحة ونظيفة وملائمة وبدا الضيوف يتحدثون تحت الأشجار كأنهم محتشمين، ناس صلبون." أن تاد ويات رجل رائع. وتوم محظـــوظ جداً." وكذلك أنت." قالها سبنسر الكلمات بشكل لطيف جداً وهو يلقي نظرة نحو هيروكو على عجل ثم على بويد بدفء في عينيه ولمسة من الحسد. لم يكن هناك احد هو يهتم به، ولا أحد أحبّه أو هو أحب أحداً كما أحبت هيروكو زوجها. هو حسدهما تقريباً وما عدا ذلك لم يكن في عجلة. كان هناك الكثير من النساء في حياته . وكان لديه وقت جيد . في السابعة والعشرين من عمره لم يكن في عجلة من أمـــــره ليستقر. كانت هنالك أشياء أخرى أراد عملها أولاً. مثل إنهاء الدراسة في كلية الحقوق والعودة إلى نيويورك بعد ذلك. كان والده قاضياً وأخبره أن أذكى شيء يمكنه أن يفعله هو أن يصبح محامياً. بشهادة القانون والارتباطات التي سيعقدها في كلية مثل ستانفورد ، كان هناك خزين له حياة جيدة وبنظراتــــــه وطرقه السهلة ستفتح أبواب كثيرة لسبنسر هيل . عاش حياة ساحرة وأينما ذهب أحبه الناس . أتصــف بالنزاهة والأناقة وكان ذكياً جداً. أنقذ حياته وحياة رجاله أكثر من مرة في منطقة المحيط الهادئ. مهما ينقصه من التجربة فقد عوض عنها بالإبداع والشجاعة. هل يجب علي أن أختلط بالضيوف؟ ضحك بويد قائلاً أكيد. فقال" تفضل سأعرفك على أختي.وفي النهاية قام سبنسر بالممازحة فقال" هل يمكنني التعرف عليها بدون بدله الاستحمام؟ ولكن عنــدما
14
مشيا ببطء نحو بقية الضيوف رآها حالاً وعرفها ليس من شعرها الأحمر اللامع الذي يشبه كثيرا شــعر
بويد ولكن من جسمها المنهمر في الثوب القرنفلي الضيق والسترة المماثلة. البنت الضاحكة، منتشيه قليلاً من النبيذ ولا زالت متعلقة بباقة الورد الذابلة التي جذبتها من بيكي ، يمكن أن تكون جيني أخـــــت بويد الوحيدة. عرفهما بويد على بعضهما. وأحمر وجهها القرنفلي اللامع خجلاً الذي أصبح يشبه ثوبـها تقريباً ، كما صافحها سبنسر وأخبرها كم كان أخيها شجاعاً في منطقة المحيط الهادي . فقالت " هو لم يخبرني كم أنت وسيماً أيها النقيب" قهقهت وحشرت نفسها بقربه وهي تشم رائحة النبيذ والعطر الرخيص. كما عرّّّفه بويد على والدهما بعد ذلك ولكن كان واضحاً من النظرة الرافضة من الرجل الأكبر سناً الذي صافح سبنسر حيث كانت علاقته مع ابنه متوترة وكان من السهل معرفة أن ذلك بسبـــــــــــب هيروكو. وقف سبنسر في وسطهم لفترة قليلة يعيد الذكريات مع بويد و توم ثم تركهما ليتناول لنفســـه قدحاً من خمر المزرعة. دردش مع قليل من الضيوف ثم أبتعد عنهم ليقف لوحده تحت الأشجار لمدة من الوقت وهو يحس بالسلام في الريف يحرك شيئاً ما فيه كان منسياً منذ مدة طويلة. كانت حياته مليئــــة بالمساعي الحضارية ودراساته في كلية ستانفورد حيث كان نادراً ما يتاح له الوقت الكافي لكي يقـــــود سيارته خارج المدينة لوحده إلى مكان كهذا. كان أشبه بتراجع مع مرور الوقت كبار السن من النــــاس جالسين تحت الأشجار عند مناضد بقماش أبيض مخطط يذرعون المكان بلطف ابتهاجاً في النسيم العليل والأطفال يركضون ويصيحون من بعيد .فإذا أغمض عينيه تصور أنه قد يكون في فرنسا، أو تقريبا في قرن آخر . العائلات والأصدقاء يتحدثون ويضحكون، والتلال تمتد وراءهم ، كما أنه وقف تحت أشجار ضخمة وبعد ذلك فجأة أحس بأن أحد ما كان يراقبه. التفت ورأى طفلة جميلة تنظر إليه، كانت حافيــــة القدمين وأطول من معظم النساء هناك ولكن لم يكن هناك شك في عقله بأنها لا تزال فتاة صغيرة. طفلة بجسم امرأة، وبعينين زرقاء كبيرتين والتي بدت تنفذ إلى روحه جداً عندما راقبته. لفترة طويلة أزاحــت بيدها الجميلة شعر رقبتها الأشقر عن وجه أبيض أجفل بجماله.وقف ساكناً عندما التقت عيناهما وعندما نظر إليها لم يتكلّم أحد منهما. غير قادراً على أن يكف عن مواصلة النظر إليها. لم ير أي امرأة بهذا الجمال أو بهذه البراءة ، في ثوبها البسيط ، قدميها الحافيتين عندما وقفت في العشب واشتاق الوصول إليها ليلمْسَها.تكلّم هو أولاً وهو يقول"مرحباً"وبدت خائفة من أن ترد.أراد أن يبتسم لها ولكنه شعر بالشلل من تأثير عينيها،زرقاء لم يتذكر أبداً أنه رأى مثلها من قبل.كانت أشبه بلـون سماء الصيف الأرجوانية الشاحبة في الصباح الأغر.فقال" هل أنت تمرحين اليوم ؟ بدا شيئاً غبياً أن يقول ذلك ولكنه لم يستطع أن يقول لها كم كانت جميلة وهذا كل ما أراد أن يفعله عندما كانت تراقبه ومن ثم ابتسمت له ببطء ومشت نحوه بحذر مثل ضبيه صغيرة وهي تظهر من الغابة.كانت مُحِبّه للفضول لتعرف من يكون تمكن أن يراه في عيونها وكان خائفاً من أن يخيفها إذا تحرك إليها أقرب من ذلك.يجب أن يتركها تأتي إليه.وأراد أن يعقد يده ليجلبها بشكل أقرب.سألته.هل أنت صديق توم؟كان صوتها عميقاً وناعماً كنعومة شعرها الأشقر الشاحب الذي بدا يستجديه لكي يلمسه.ولكن كان عليه أن يديم بعض الإحساس بالحالــــة الطبيعية.كانت طفلة فحسب وكان مندهشاً بما شعر به.لم يكن هناك شيء من الجنس الواضح فيها حيث كان لدى جيني ويبستر في ثوبهـا القرنفلي الضيق.فبدلاً من ذلك كانت كلها شهوانية حساسة،مثل زهرة معطرة برية تنمو على قمة تل. قال لها " كنا سوية في الجيش في اليابان."
أومأت كما لو أنه لم يفاجئها. عرفت أنها لم تره من قبل. في الحقيقة لم تر أي شخص مثله. كانت هناك
كياسة للرجل وتكلف هادئ حيث سحرها. كل شيء عنه كان نقياً وغالياً من قصّــــة السترة المثالية إلى سرواله الداخلي الأبيض الخالي من الأخطاء، وربطة العنق الحريرية اللامعة واليدين الأنيقتين. ولكنها كانت مفتونة بعينيه أكثر من ذلك. وكان فيه شيء ما سحبها إليه مثل المغناطيس.رفعت رأسهــا إلى جانب واحدة بفضول وشعر ها يتدلى فوق كتفها وهي تقول" هل تعرف بويد ويبستر. ؟"
فقال "كان في اليابان مع توم أيضاً."أومأ وهو يثبت نظرته عليها متسائلاً"من تكون كما لو أنه مهموماً فقال" أنا عرفتهما كلاهما." لم يخبرها أنه كان آمرهم.لم يكن ذلك مهمّاً فقالت" وهيروكو أيضاً هل كنت
15
تعرفها؟ "هزّت رأسها ببطء فقالت " لم يكن مسموحاً لأحد أن يتكلّم معها."
أومأ بحزن من أجلهما ولكنه لم يتفاجأ . هو الذي كان يخاف عليهما منه منذ البداية وأثبت أنـــه مخلوق مذهل. ذلك سيء جداً.هي فتاة رائعة.كنت في عرسهما.أنه من الصعوبة أن أجد أشياء لأقولها لها. لأنها كانت صغيرة جداً شعر أن كل شيء فيه يعصره من الشوق عندما نظر إليهــا وتساءل أن كـــان مجنوناً. قـال لنفسه أنها فتاة صغيرة جداً على أية حال. لم يكن عمرها أكثر من أربعة عشر أو خمسة عشر عاما ورغم ذلك كل شيء فيها جعله منقطع النفس.
هل أنت من سان فرانسيسكو؟ لابد أن يكون.لم ينظر الناس في الوادي إليه ولم تتصور أن يكون من أي مكان أبعد من سان فرانسيسكو.
فقال" أنا الآن في الحقيقة من نيويورك.ولكنني أدرس في الكلّية هنا. "أبتسم هو على الكلمات وضحكت هي بشكل غير متحفظ ، وعندما اقتربت منه قليلاً كان صوتها صافي مثل صفاء نهر الجبل . مـــــــا زال الأطفال الآخرين يلعبون بعيداً ولم يبد أنهم اشتاقوا إليها . فسألته "أية كلّية؟ "أصبحت عينيها متقدتين ورأى فيها بريق وأحس أن تحت الخجل يختفي مصدر الأذى.
- فقال" كلية القانون."
- " لا بد أنها صعبة. "
- نعم ولكنها ممتعة وأنا أحبها.
- ماذا تعملين ؟ "كان سؤالاً أحمق وهو عرفه.ماذا يمكنها أن تعمل وهي في عمرها هذاما عدا الذهاب
إلى المدرسة واللعب مع أصدقاءها في الوادي .
- قالت بعد أن سحبت ورقة عريضة من العشب من المكان الذي كانت تقف وتلعب فيه " أنا أدرس في المدرسة.
- "هل تحبينها ؟"
- "أحياناً "
-"يبدو ذلك قريباً من الصواب. هو أبتسم ثانية فسألها عن أسمها.من المحتمل أن تكون سالي أوجين أو ماري لم يكن لدى الناس أسماء فريدة هنا. وعلاوة على ذلك كأنه أصبح شيء مهما بالنسبة لها.عرّف نفسه ثم أومأت وما زالت تراقبه بافتتان حذر.
- قالت " أنا كريستال ويات." بدا الاسم مثالياً بالنسبة لها.
- "هل أنت قريبة العروس ؟ "
- "هي أختي."
- تعجب أن توم لم ينتظرها بدلا من تلك، ولكن ربما لم يدرك الناس هنا كم كانت جميلة بشكل لا يصدّق، ورغم ذلك من الصعوبة أن تتصوّر بأنهم لم يدركوا ذلك.
"أنها مزرعة جميلة. يجب أن تكون مكاناً لطيفاً للعيش فيه."
- هي ابتسمت أيضاً بكرم أكثر من قبل كما لو كانت متلهفة لتشاركه في سر. فقالت" أنه أجمـل قفـــا في
التلال وهناك نهر لا تستطيع أن تراه من هنا.أنا وأبي نركب إلى الجبل سوية في بعض الأحيان.أنه قفا
جميل هناك. هل تركب؟ كانت حذرة منه، مثل فضوله الحذر نحوها ، وهو يستمع إليها.
- قال ليس جيداً ولكنني أحبّه. ربما سأعود يوماً ما ويمكنك أنت وأبيك أن تدلاني. فأومأت ، كما لو أن
الفكرة أستهوتها ثم ناداها أحد ما.تجاهلته في البداية ثم استدارت بعد ذلك وكانت متأسفة . كان أخيها. شعر سبنسر بأن قلبه قد هبط. وأخيراً غابوا عنها.كان الحديث لطيف معك. عرف أنها ستتركه في لحظة وتمنى أن يتمكن بأن يصل إليها ويلمسها ولو للحظة فقط .كان خائفاً أن لا يراها ثانية فأراد أن تتوقف دورة الزمن ليتذكر دائماً تلك اللحظة التي قضاها معها تحت الأشجار قبل أن تكبر، قبل أن تبتعد، قبل أن تغيرها الحياة.
16
كريستال! ارتفعت أصوات عديدة في الجوقة الغنائية الآن. ولم يتجاهلها أحد.صاحت عليهم بأنها ستكون
هناك في خلال دقيقة.
-هل ستأتي في يوم ما حقاً ؟"كما لو أنها شعرت به أيضا كما لو أنها لم ترغب أن يتركها لم تر من قبل
من قبل رجلاً بهذه الوسامة كما كان هو،عدا نجوم الأفلام الذين بسمرت صورهم في جدار غرفتها لكنه كان مختلفاً، كان حقيقياً. وتحدث معها كما لو أنها لم تكن طفلة.
- أريد أن أعود.الآن حيث أعرف أن بويد هنا ، ربما أشق طريقي إلى هنا في وقت ما لأراه . أومأت في صمت كما لو أنها وافقت. سآتي لأرى توم أيضاً.أنجرف صوته وهو يريد أن يقول لها وأنت، ولكنه عرف أنه لا يستطيع أن يقول لها ذلك.ستعتقد أنه أصبح مجنوناً،ولم يكن يرغب في أن يخيفها. ربما كان النبيذ قال لنفسه ، ربما لم تكن بالجمال الذي اعتقده ربما المزاج فقط ،واليوم جو مثالي للعرس.لكنه عرف أنها كانت أكثر من ذلك.ومن ثم بالنظرة الأخيرة والابتسامة الخجولة لوّحت بيديها وعادت إلى الآخرين. وقف هو يراقبها لوقت طويل عندما قال لها أخوها شيء ما، سحبت شعرها وركضت خلفه فجأة وهي مثارة وتضحك كما لو أنها نست أنهما التقيا من قبل،ولكن عندما بدأ بالمشي مبتعداً رآها استدارت نحوه ووقفت للحظة وهي تراقبه كما لو أنها أرادت أن تقول له شيئاً ما ولكنها لم تفعل عادت لتشاهد الآخرين عندما عاد إلى بويد وهيروكو.رآها ثانية قبل أن يغادر،واقفة على الشرفة وهي تتحدث مع أمها وكان ومن الواضح أنها وبخت بسبب شيء ما . حملت طبق كبير إلى المطبخ ولم تخرج ثانية وبعد لحظة قاد سيارته مبتعداً وهو يفكّر بالطفلة التي التقى بها.كانت مثل كتلة هائجة جامحة وحرة، الطفلة التي لها عيون المرأة. ضحك على نفسه أيضاً. كان مجنوناً. لديه حياته ليعيشها في عالم بعيداً من هنا. فليس لديه سبب ليربط نفسه بفتاة عمرها 14 عام في برية معشبة من وادي الأسكندر . لا لسبب سوى أنها ليست مجرد أي طفلة . حتى أسمها دل له على أنها كانت مختلفة. كريستال.قالها لنفسه عندما قاد السيارة مبتعداً متذكراً وعده لبويد وهيروكو ليعود ويراهما بعد انتهاء فصل الصيف ربما سيفعل ربما يفعل حقاً كان لا بد أن يعرف الشيء الغريب الذي عرفه فجأة. بينماساعدت كريستال أمها بإزالة الأطباق الكبيرة وجدت نفسها تفكر فيه،الغريب الوسيم من سان فرانسيسكو. عرفته الآن من يكون . سمعت توم يتحدث عنه. كان آمره في اليابان. كان توم مسروراً بأنه جاء إلى العرس ولكنه لديه أشياء أكثر أهمية ليفكر فيها.ترك هو وبيكي في حفلة الزواج لقضاء شهر العسل على ساحـل المحيط في مندوسينو كانا ذاهبين لمدة أسبوعين ، ثم يعودان إلى البيت ليعيشا في كوخ عند المزرعة ويعمل مع والدها وينجب أطفال . بدت كل هذه مملة عندما فكّرت بها كريستال.متوقعة وعادية جداً.لم يكن هنالك شيء سحري في حياتهما،لا شيء نادر وفريد خلافاً للناس الذين حلمت بهم، تساءلت لــو أنها أرادت في مثل ذلك اليوم أن تتزوج من أحد الأولاد الذين عرفتهم أحد أصدقاء جارد، أحد الأولاد الذين لا زالت تكرههم. كانت منعزلة عندما فكّرت به، شعرت أنها سحبت إلى اتجاهين،نحو عالم عرفته مألوفاً لديها وعالم بعيد ورائها،مليء بالألغاز والغرباء الوسيمين مثلا الشخص الذي التقت به في عرس أختها.كانت في منتصف الليل في الوقت الذي أنهوا الصحون ونظفوا آخر فوضى بقيت من حفلة العرس. كل شيء وضع جانباً وذهبت الجدة قبل ذلك إلى النوم.بدا البيت هادئاً بغرابة عنـدما قالت كريستال لوالديها "ليلة سعيدة"ورافقها والدها إلى غرفة نومها ببطء وقبّل خدها بنظرة حنونة قائلاً لها" سيأتي دورك في يوم ما مثل بيكي تماماً."استهجنت ذلك حيث أنها لم تكن متلهفة على ذلك اليوم ثم صاح جارد عندما كان ماضياً إلى غرفة نومه وابتسم والدها ثانية فقال لها" هل تريدين أن تركبي معي غداً ؟ لدي عمل وأريدك أن تساعدينني فيه."كان فخوراً جداً بها،أكثر بكثير مما عرفت،كما أنها ابتسمت له وأومأت. فقالت" أحب ذلك يا أبي ." سآتي إليك في الخامسة.خذي قسطاً من النوم الآن ."جعّد شعرها وأغلقت الباب بهدوء . كانت هذه الليلــة الأولى التي تنام لوحدها في الغرفة بدون أختها وبدت بأمان جداً . أصبح السرير لها في نهاية الأمر عندما انحرفت لتنام وهي ممددة في الفراش تفكر في سبنسر.وفي فراشه في غرفة الفندق في ســــان فرانسيسكو كان سبنسر هيل يفكر في كريستال.
17
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
النجمة : رواية للكاتبة الأمريكية دانيال ستيل . ترجمة ذياب موسى رجب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» النجمة : رواية للكاتبة الأمريكية الشهيرة دانيال ستيل . ترجمة ذياب موسى رجب
» النجمة : رواية للكاتبة الأمريكية الشهيرة دانيال ستيل . ترجمة ذياب موسى رجب
» النجمة : رواية للكاتبة الأمريكية الشهيرة دانيال ستيل . ترجمة ذياب موسى رجب
» النجمة : رواية للكاتبة الأمريكية الشهيرة دانيال ستيل . ترجمة ذياب موسى رجب
» النجمة : رواية للكاتبة الأمريكية الشهيرة دانيال ستيل . ترجمة ذياب موسى رجب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى اسديره الثقافي :: الزاوية الأولى :: الرواية وصناعتها-
انتقل الى: